اَلْفَصْلُ ٱلثَّالِثُ
‹أب لجميع الذين يؤمنون›
١، ٢ كَيْفَ تَغَيَّرَ ٱلْعَالَمُ مُنْذُ أَيَّامِ نُوحٍ، وَكَيْفَ شَعَرَ إِبْرَاهِيمُ حِيَالَ ذٰلِكَ؟
رَفَعَ إِبْرَاهِيمُ بَصَرَهُ إِلَى ٱلزِّقُّورَةِ يَتَفَرَّسُ فِيهَا، هٰذَا ٱلْبِنَاءِ ٱلْهَرَمِيِّ ٱلشَّكْلِ ٱلَّذِي يَرْتَفِعُ فَوْقَ أَرْضِ مَوْلِدِهِ أُورَ. * أَصْوَاتُ ضَجِيجٍ وَجَلَبَةٍ وَٱلْأَبْخِرَةُ تَتَصَاعَدُ مِنَ ٱلْمَعْبَدِ فِي قِمَّةِ ذَاكَ ٱلْبِنَاءِ. إِنَّهُمْ كَهَنَةُ إِلٰهِ ٱلْقَمَرِ يُقَرِّبُونَ ذَبَائِحَهُمْ كَٱلْعَادَةِ. تَخَيَّلْهُ يَسْتَدِيرُ مُبْتَعِدًا وَيَهُزُّ رَأْسَهُ عَابِسًا مُشْمَئِزًّا، ثُمَّ يَعُودُ أَدْرَاجَهُ إِلَى بَيْتِهِ عَبْرَ ٱلشَّوَارِعِ ٱلْمُزْدَحِمَةِ بِٱلنَّاسِ، وَهُوَ يُفَكِّرُ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ بِٱلصَّنَمِيَّةِ ٱلْمُسْتَفْحِلَةِ فِي أُورَ. لَكَمْ بَاتَ ٱلْعَالَمُ مُلَطَّخًا بِهٰذِهِ ٱلْعِبَادَةِ ٱلْفَاسِدَةِ مُنْذُ أَيَّامِ نُوحٍ!
٢ لَقَدْ مَاتَ نُوحٌ قَبْلَ سَنَتَيْنِ فَقَطْ مِنْ وِلَادَةِ إِبْرَاهِيمَ. وَحِينَ خَرَجَ هُوَ وَعَائِلَتُهُ مِنَ ٱلْفُلْكِ بَعْدَ ٱلطُّوفَانِ ٱلْعَظِيمِ، قَدَّمَ هٰذَا ٱلْأَبُ ٱلْجَلِيلُ مُحْرَقَاتٍ لِيَهْوَهَ ٱللهِ ٱلَّذِي بِدَوْرِهِ جَعَلَ قَوْسَ قُزَحَ يَظْهَرُ فِي ٱلسَّحَابِ. (تك ٨:٢٠؛ ٩:١٢-١٤) فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ، لَمْ تَسُدْ فِي ٱلْعَالَمِ سِوَى ٱلْعِبَادَةِ ٱلنَّقِيَّةِ. أَمَّا ٱلْآنَ، وَأَبْنَاءُ ٱلْجِيلِ ٱلْعَاشِرِ مِنْ نُوحٍ يَنْتَشِرُونَ عَلَى وَجْهِ ٱلْأَرْضِ، فَأَصْبَحَتِ ٱلْعِبَادَةُ ٱلنَّقِيَّةُ عُمْلَةً نَادِرَةً. فَٱلنَّاسُ فِي كُلِّ مَكَانٍ كَانُوا يَعْبُدُونَ آلِهَةً وَثَنِيَّةً. حَتَّى تَارَحُ وَالِدُ إِبْرَاهِيمَ خَدَمَ آلِهَةً أُخْرَى، وَلَرُبَّمَا كَانَ صَانِعَ أَصْنَامٍ. — يش ٢٤:٢.
كَيْفَ أَصْبَحَ إِبْرَاهِيمُ مِثَالًا بَارِزًا فِي ٱلْإِيمَانِ؟
٣ أَيُّ صِفَةٍ مَيَّزَتْ إِبْرَاهِيمَ عَلَى مَرِّ ٱلسِّنِينَ، وَمَاذَا يُعَلِّمُنَا ذٰلِكَ؟
روما ٤:١١.) فَلْنَرَ كَيْفَ بَدَأَ مِشْوَارَهُ عَلَى دَرْبِ ٱلْإِيمَانِ، وَنَتَعَلَّمْ بِٱلتَّالِي كَيْفَ نُرَسِّخُ نَحْنُ أَنْفُسُنَا هٰذِهِ ٱلصِّفَةَ فِي قُلُوبِنَا.
٣ لٰكِنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ مُخْتَلِفًا عَنِ ٱلْغَالِبِيَّةِ فِي زَمَنِهِ. وَكُلَّمَا مَرَّتِ ٱلسِّنُونَ، مَيَّزَهُ إِيمَانُهُ عَنْهُمْ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ. وَفِي ٱلْوَاقِعِ، أُوحِيَ إِلى ٱلرَّسُولِ بُولُسَ لَاحِقًا أَنْ يَدْعُوَهُ «أَبًا لِجَمِيعِ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ». (اقرأخِدْمَةُ يَهْوَهَ فِي زَمَنِ مَا بَعْدَ ٱلطُّوفَانِ
٤، ٥ مِمَّنْ يُحْتَمَلُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ تَعَلَّمَ عَنْ يَهْوَهَ، وَلِمَ يَبْدُو هٰذَا ٱلِٱحْتِمَالُ وَارِدًا جِدًّا؟
٤ كَيْفَ تَعَلَّمَ إِبْرَاهِيمُ عَنْ يَهْوَهَ ٱللهِ؟ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ، كَانَ لِيَهْوَهَ خُدَّامٌ أُمَنَاءُ عَلَى ٱلْأَرْضِ، وَأَحَدُهُمْ هُوَ سَامٌ. وَمَعَ أَنَّهُ لَيْسَ أَكْبَرَ أَبْنَاءِ نُوحٍ ٱلثَّلَاثَةِ، غَالِبًا مَا يَأْتِي ٱلسِّجِلُّ عَلَى ذِكْرِهِ أَوَّلًا. وَيُعْزَى ٱلسَّبَبُ كَمَا يَتَّضِحُ إِلَى إِيمَانِهِ ٱلْبَارِزِ. * فَبَعْدَ فَتْرَةٍ مِنْ حُدُوثِ ٱلطُّوفَانِ، أَشَارَ نُوحٌ إِلَى يَهْوَهَ بِأَنَّهُ «إِلٰهُ سَامٍ». (تك ٩:٢٦) فَهٰذَا ٱلرَّجُلُ ٱلْأَمِينُ أَظْهَرَ ٱحْتِرَامًا لِإِلٰهِهِ وَلِلْعِبَادَةِ ٱلنَّقِيَّةِ.
٥ وَهَلْ تَعَرَّفَ إِبْرَاهِيمُ بِسَامٍ؟ هٰذَا وَارِدٌ جِدًّا. تَخَيَّلْ دَهْشَةَ إِبْرَاهِيمَ وَهُوَ صَبِيٌّ حِينَ يَعْلَمُ أَنَّ لَدَيْهِ سَلَفًا حَيًّا حَكِيمًا وَعَرِيقًا فِي ٱلْقِدَمِ طَوَى أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَعَةِ قُرُونٍ مِنْ عُمْرِ ٱلتَّارِيخِ ٱلْبَشَرِيِّ! فَقَدْ شَهِدَ سَامٌ شُرُورَ ٱلْعَالَمِ قَبْلَ ٱلطُّوفَانِ، ٱلْفَيَضَانَ ٱلْعَظِيمَ ٱلَّذِي طَهَّرَ ٱلْأَرْضَ، تَشَكُّلَ أُولَى ٱلشُّعُوبِ فِيمَا تَزَايَدَتْ أَعْدَادُ ٱلْبَشَرِ، وَٱلْأَيَّامَ ٱلْحَالِكَةَ حِينَ عَصَى نِمْرُودُ يَهْوَهَ فِي حَادِثَةِ بُرْجِ بَابِلَ. لٰكِنَّ سَامًا ٱلْأَمِينَ لَمْ يَشْتَرِكْ فِي هٰذَا ٱلتَّمَرُّدِ. لِذَا حِينَ بَلْبَلَ يَهْوَهُ لُغَةَ بَنَّائِي ٱلْبُرْجِ، ظَلَّ هُوَ وَعَائِلَتُهُ ٱلَّتِي ضَمَّتْ إِبْرَاهِيمَ يَتَكَلَّمُونَ لُغَةَ ٱلْإِنْسَانِ ٱلْأَصْلِيَّةَ، تِلْكَ ٱلَّتِي نَطَقَ بِهَا نُوحٌ. لَا شَكَّ إِذًا أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَبُرَ وَفِي عَيْنَيْهِ تَقْدِيرٌ رَفِيعٌ لِسَامٍ. أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ أَنَّ سَامًا بَقِيَ حَيًّا طَوَالَ مُعْظَمِ حَيَاةِ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمَدِيدَةِ. وَعَلَيْهِ، يُحْتَمَلُ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ تَعَلَّمَ مِنْهُ عَنْ يَهْوَهَ.
٦ (أ) كَيْفَ أَظْهَرَ إِبْرَاهِيمُ أَنَّهُ أَخَذَ مَأْخَذَ ٱلْجِدِّ ٱلدَّرْسَ ٱلْقَيِّمَ وَرَاءَ ٱلطُّوفَانِ؟ (ب) أَيُّ حَيَاةٍ عَاشَهَا إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ مَعًا؟
* وَمَعَ أَنَّهُمَا لَمْ يُرْزَقَا بِأَوْلَادٍ، لَا رَيْبَ أَنَّهُمَا فَرِحَا كَثِيرًا بِخِدْمَةِ يَهْوَهَ جَنْبًا إِلَى جَنْبٍ. وَقَدْ تَبَنَّيَا أَيْضًا لُوطًا ٱلْيَتِيمَ، ٱبْنَ أَخِي إِبْرَاهِيمَ.
٦ فِي كُلِّ ٱلْأَحْوَالِ، أَخَذَ إِبْرَاهِيمُ مَأْخَذَ ٱلْجِدِّ ٱلدَّرْسَ ٱلْقَيِّمَ وَرَاءَ ٱلطُّوفَانِ. فَسَعَى إِلَى ٱلسَّيْرِ مَعَ ٱللهِ عَلَى غِرَارِ نُوحٍ. لِذَا نَبَذَ ٱلصَّنَمِيَّةَ وَلَمْ يَخْشَ أَنْ يَتَمَيَّزَ عَنِ ٱلْبَاقِينَ فِي أُورَ، رُبَّمَا حَتَّى عَنْ أَفْرَادِ عَائِلَتِهِ ٱللَّصِيقِينَ. لٰكِنَّهُ غَنِمَ بِرَفِيقَةِ دَرْبٍ رَائِعَةٍ وَدَاعِمَةٍ. فَقَدْ تَزَوَّجَ سَارَةَ ٱلَّتِي لَمْ تَتَمَيَّزْ بِجَمَالِهَا فَحَسْبُ، بَلْ أَيْضًا بِإِيمَانِهَا ٱلْقَوِيِّ بِيَهْوَهَ.٧ كَيْفَ يُمْكِنُ لِأَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ أَنْ يَتَمَثَّلُوا بِإِبْرَاهِيمَ؟
٧ لَمْ يَتَخَلَّ إِبْرَاهِيمُ قَطُّ عَنْ يَهْوَهَ بِٱلِٱنْجِرَافِ وَرَاءَ ٱلصَّنَمِيَّةِ فِي أُورَ. فَهُوَ وَسَارَةُ لَمْ يَخْشَيَا إِطْلَاقًا أَنْ يَبْدُوَا مُخْتَلِفَيْنِ عَنْ ذَاكَ ٱلْمُجْتَمَعِ ٱلْوَثَنِيِّ. نَحْنُ أَيْضًا إِذَا أَرَدْنَا أَنْ نُنَمِّيَ إِيمَانًا أَصِيلًا، يَلْزَمُ أَنْ نَتَبَنَّى رُوحًا مُمَاثِلَةً، أَيْ نُظْهِرَ ٱسْتِعْدَادًا لِلتَّمَيُّزِ عَنِ ٱلْبَاقِينَ. فَيَسُوعُ قَالَ إِنَّ أَتْبَاعَهُ لَنْ يَكُونُوا «جُزْءًا مِنَ ٱلْعَالَمِ» ٱلَّذِي سَيُبْغِضُهُمْ جَرَّاءَ ذٰلِكَ. (اقرأ يوحنا ١٥:١٩.) لِذَا، إِنْ شَعَرْتَ يَوْمًا بِٱلْأَلَمِ وَٱلْمَرَارَةِ لِأَنَّكَ مَنْبُوذٌ مِنْ عَائِلَتِكَ وَمُجْتَمَعِكَ بِسَبَبِ قَرَارِكَ أَنْ تَخْدُمَ يَهْوَهَ، فَتَذَكَّرْ أَنَّكَ لَسْتَ ٱلْوَحِيدَ. فَأَنْتَ تَسِيرُ مَعَ ٱللهِ عَلَى غِرَارِ كَثِيرِينَ أَمْثَالِ إِبْرَاهِيمَ وَسَارَةَ.
«اُخْرُجْ مِنْ أَرْضِكَ»
٨، ٩ (أ) أَيُّ تَجْرِبَةٍ لَا تُنْسَى مَرَّ بِهَا إِبْرَاهِيمُ؟ (ب) مَاذَا قَالَ يَهْوَهُ لِإِبْرَاهِيمَ؟
٨ جَاءَ يَوْمٌ مَرَّ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ بِتَجْرِبَةٍ لَا تُنْسَى. فَقَدْ تَلَقَّى رِسَالَةً مِنْ الاعمال ٧:٢، ٣.) فَرُبَّمَا مِنْ خِلَالِ مُمَثِّلٍ مَلَائِكِيٍّ، نَالَ إِبْرَاهِيمُ لَمْحَةً عَنِ ٱلْمَجْدِ ٱلْعَظِيمِ لِلْمُتَسَلِّطِ ٱلْكَوْنِيِّ. تَخَيَّلْ كَمْ شَعَرَ بِٱلِٱبْتِهَاجِ وَٱلْمَهَابَةِ وَهُوَ يَرَى ٱلْفَرْقَ ٱلْوَاضِحَ بَيْنَ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَيِّ وَٱلْأَصْنَامِ ٱلْمَيِّتَةِ ٱلَّتِي عَبَدَهَا مُعَاصِرُوهُ!
يَهْوَهَ ٱللهِ! وَمَعَ أَنَّ ٱلْكِتَابَ ٱلْمُقَدَّسَ لَا يَتَطَرَّقُ إِلَى ٱلتَّفَاصِيلِ، يَذْكُرُ أَنَّ «إِلٰهَ ٱلْمَجْدِ» تَرَاءَى لِهٰذَا ٱلرَّجُلِ ٱلْأَمِينِ. (اقرإ٩ وَمَاذَا قَالَ يَهْوَهُ لِإِبْرَاهِيمَ؟ «اُخْرُجْ مِنْ أَرْضِكَ وَأَهْلِكَ وَهَلُمَّ إِلَى ٱلْأَرْضِ ٱلَّتِي أُرِيكَ». لَاحِظْ أَنَّ يَهْوَهَ لَمْ يَكْشِفْ لَهُ أَيَّ أَرْضٍ كَانَتْ فِي بَالِهِ، بَلْ قَالَ إِنَّهُ سَيُرِيهِ إِيَّاهَا وَحَسْبُ. طَبْعًا، عَنَى ذٰلِكَ حُكْمًا أَنْ يَتْرُكَ إِبْرَاهِيمُ مَوْطِنَهُ وَأَقَارِبَهُ. وَلٰكِنْ فِي حَضَارَاتِ ٱلشَّرْقِ ٱلْأَوْسَطِ قَدِيمًا، كَانَ ٱلنَّاسُ يُقِيمُونَ وَزْنًا كَبِيرًا لِلْعَائِلَةِ. فَهُمْ رَأَوْا أَنَّ مَنْ يَهْجُرُ أَقَارِبَهُ وَيَرْحَلُ بَعِيدًا عَنْهُمْ يَلْقَى فِي ٱلْغَالِبِ مَصِيرًا مَشْؤُومًا، وَفِي نَظَرِ ٱلْبَعْضِ مَصِيرًا أَسْوَأَ مِنَ ٱلْمَوْتِ نَفْسِهِ!
١٠ لِمَ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ مُغَادَرَةَ أُورَ ٱعْتُبِرَتْ تَضْحِيَةً كَبِيرَةً؟
١٠ فَكِّرْ فِي ٱلتَّضْحِيَةِ ٱلْكَبِيرَةِ ٱلَّتِي قَدَّمَهَا إِبْرَاهِيمُ حِينَ غَادَرَ أُورَ. فَٱلْأَدِلَّةُ تُبَرْهِنُ أَنَّ أُورَ كَانَتْ مَدِينَةً مُزْدَهِرَةً تَنْبِضُ بِٱلنَّشَاطِ وَٱلْحَيَوِيَّةِ. (اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ « اَلْمَدِينَةُ ٱلَّتِي وَدَّعَهَا إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ».) وَتَكْشِفُ ٱلتَّنْقِيبَاتُ ٱلْأَثَرِيَّةُ أَنَّ بُيُوتَهَا كَانَتْ مُرِيحَةً جِدًّا، لَهَا فِي ٱلْوَسَطِ فِنَاءٌ مَرْصُوفٌ تُحِيطُ بِهِ ١٢ غُرْفَةً أَوْ أَكْثَرَ لِإِيوَاءِ ٱلْعَائِلَةِ وَٱلْخَدَمِ. تَمَيَّزَتِ ٱلْمَدِينَةُ أَيْضًا بِٱلْكَثِيرِ مِنْ وَسَائِلِ ٱلرَّاحَةِ مِثْلِ إِمْدَادَاتِ ٱلْمِيَاهِ وَٱلْمَرَاحِيضِ وَأَنْظِمَةِ ٱلصَّرْفِ ٱلصِّحِّيِّ. هٰذَا وَإِنَّ إِبْرَاهِيمَ وَسَارَةَ مَا كَانَا آنَذَاكَ فِي رَيْعَانِ شَبَابِهِمَا، فَهُوَ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فِي سَبْعِينِيَّاتِهِ وَهِيَ فِي سِتِّينِيَّاتِهَا. وَلَا بُدَّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ، مَثَلُهُ مَثَلُ أَيِّ زَوْجٍ صَالِحٍ يَهْتَمُّ بِزَوْجَتِهِ، أَرَادَ أَنْ تَنْعَمَ سَارَةُ إِلَى حَدٍّ مَا بِعِيشَةٍ هَانِئَةٍ وَتَحْصُلَ عَلَى مُتَطَلِّبَاتِهَا. تَصَوَّرِ ٱلْأَحَادِيثَ ٱلَّتِي دَارَتْ بَيْنَهُمَا حَوْلَ هٰذَا ٱلتَّعْيِينِ، وَٱلْأَسْئِلَةَ وَٱلْمَخَاوِفَ ٱلَّتِي خَطَرَتْ عَلَى بَالِهِمَا. وَلٰكِنْ كَمْ سُرَّ إِبْرَاهِيمُ دُونَ رَيْبٍ حِينَ قَبِلَتْ سَارَةُ ٱلتَّحَدِّيَ عَنْ طِيبِ خَاطِرٍ! فَهِيَ كَانَتْ مُسْتَعِدَّةً مِثْلَهُ أَنْ تَتَنَازَلَ عَنْ كُلِّ ٱلنَّعِيمِ وَٱلرَّفَاهِيَةِ فِي أُورَ.
١١، ١٢ (أ) أَيَّةُ تَحْضِيرَاتٍ وَقَرَارَاتٍ لَزِمَ صُنْعُهَا قَبْلَ مُغَادَرَةِ أُورَ؟ (ب) كَيْفَ نَتَخَيَّلُ يَوْمَ ٱلرَّحِيلِ؟
١١ بَعْدَمَا حَسَمَ إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ أَمْرَهُمَا، كَانَ عَلَيْهِمَا إِنْجَازُ أَعْمَالٍ كَثِيرَةٍ مِنْ تَوْضِيبٍ وَتَنْظِيمٍ وَغَيْرِهَا. فَمَاذَا عَسَاهُمَا يَأْخُذَانِ مَعَهُمَا فِي هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلْغَامِضَةِ وَمَاذَا يَتْرُكَانِ؟ مَاذَا يَفْعَلَانِ بِخَدَمِ ٱلْبَيْتِ وَأَفْرَادِ ٱلْعَائِلَةِ ٱللَّصِيقِينَ؟ لَقَدْ قَرَّرَا أَنْ يَصْطَحِبَا تَارَحَ ٱلْمُسِنَّ وَيَعْتَنِيَا بِهِ بَاقِيَ حَيَاتِهِ. وَلَعَلَّهُ تَحَمَّسَ لِلْفِكْرَةِ لِأَنَّ ٱلرِّوَايَةَ تَنْسُبُ إِلَيْهِ، بِصِفَتِهِ رَأْسَ ٱلْعَائِلَةِ، أَخْذَ ٱلْقِيَادَةِ فِي مُغَادَرَةِ أُورَ. فَأَغْلَبُ ٱلظَّنِّ أَنَّهُ كَفَّ عَنْ مُمَارَسَةِ ٱلصَّنَمِيَّةِ. وَقَدْ كَانَ سَيُرَافِقُهُمَا أَيْضًا فِي هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ لُوطٌ ٱبْنُ أَخِي إِبْرَاهِيمَ. — تك ١١:٣١.
١٢ دَقَّتْ سَاعَةُ ٱلرَّحِيلِ أَخِيرًا. تَخَيَّلِ ٱلْقَافِلَةَ ٱلْكَبِيرَةَ تَجْتَمِعُ خَارِجَ أَسْوَارِ أُورَ وَخَنْدَقِهَا ٱلْمَائِيِّ مُتَأَهِّبَةً لِلسَّفَرِ: أَفْرَادَ ٱلْعَائِلَةِ وَٱلْخَدَمَ، قُطْعَانَ ٱلْبَقَرِ وَٱلْغَنَمِ، وَٱلْجِمَالَ وَٱلْحَمِيرَ ٱلْمُحَمَّلَةَ بِٱلْأَمْتِعَةِ — جَمِيعُهُمْ مَاضُونَ فِي رِحْلَةٍ إِلَى ٱلْمَجْهُولِ. * وَلَعَلَّ كُلَّ ٱلْعُيُونِ ٱتَّجَهَتْ إِلَى إِبْرَاهِيمَ بِٱنْتِظَارِ أَنْ يُعْطِيَ إِشَارَةَ ٱلِٱنْطِلَاقِ. وَلَمَّا حَانَتِ ٱللَّحْظَةُ ٱلْحَاسِمَةُ، شَدُّوا ٱلرِّحَالَ وَوَدَّعُوا أُورَ إِلَى غَيْرِ رَجْعَةٍ.
١٣ كَيْفَ يُظْهِرُ كَثِيرُونَ مِنْ خُدَّامِ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ رُوحًا مُمَاثِلَةً لِلَّتِي أَعْرَبَ عَنْهَا إِبْرَاهِيمُ وَسَارَةُ؟
١٣ فِي أَيَّامِنَا هٰذِهِ، يُقَرِّرُ كَثِيرُونَ مِنْ خُدَّامِ يَهْوَهَ ٱلِٱنْتِقَالَ إِلَى حَيْثُ ٱلْحَاجَةُ أَعْظَمُ إِلَى مُنَادِينَ بِٱلْمَلَكُوتِ. وَيَرْتَئِي آخَرُونَ تَعَلُّمَ لُغَةٍ جَدِيدَةٍ لِيُوَسِّعُوا نِطَاقَ خِدْمَتِهِمْ، أَوْ يُفَكِّرُونَ فِي تَجْرِبَةِ وَجْهٍ مِنْ أَوْجُهِ ٱلْخِدْمَةِ يَسْتَصْعِبُونَهُ أَوْ لَمْ يَعْتَادُوا عَلَيْهِ. إِنَّ قَرَارَاتٍ كَهٰذِهِ تَتَطَلَّبُ عُمُومًا بَذْلَ عب ٦:١٠؛ ١١:٦) وَهَلْ صَحَّ ذٰلِكَ فِي إِبْرَاهِيمَ؟
ٱلتَّضْحِيَاتِ وَٱسْتِعْدَادًا لِلتَّخَلِّي عَنْ بَعْضِ رَفَاهِيَاتِ ٱلْحَيَاةِ. فَكَمْ جَدِيرُونَ بِٱلثَّنَاءِ هُمُ ٱلْأَشْخَاصُ ٱلَّذِينَ يَتَحَلَّوْنَ بِهٰذِهِ ٱلرُّوحِ ٱلطَّوْعِيَّةِ ٱقْتِدَاءً بِإِبْرَاهِيمَ وَسَارَةَ! وَحِينَ نُعْرِبُ عَنْ إِيمَانٍ كَهٰذَا، لَنَا مِلْءُ ٱلثِّقَةِ أَنَّ يَهْوَهَ يُعْطِينَا أَكْثَرَ بِكَثِيرٍ مِمَّا نُعْطِيهِ. فَهُوَ يُكَافِئُنَا دَوْمًا عَلَى إِيمَانِنَا، لَا بَلْ يَغْمُرُنَا بِٱلْمُكَافَآتِ. (اَلْقَافِلَةُ تَعْبُرُ نَهْرَ ٱلْفُرَاتِ
١٤، ١٥ كَيْفَ كَانَتِ ٱلرِّحْلَةُ مِنْ أُورَ إِلَى حَارَانَ، وَلِمَ رُبَّمَا قَرَّرَ إِبْرَاهِيمُ ٱلْمُكُوثَ فِي حَارَانَ فَتْرَةً مِنَ ٱلْوَقْتِ؟
١٤ شَيْئًا فَشَيْئًا، ٱعْتَادَتِ ٱلْقَافِلَةُ رُوتِينَ ٱلسَّفَرِ وَمَضَتْ فِي طَرِيقِهَا. تَخَيَّلْ إِبْرَاهِيمَ وَسَارَةَ تَارَةً يَرْكَبَانِ عَلَى ظَهْرِ إِحْدَى ٱلدَّوَابِّ وَتَارَةً يَمْشِيَانِ،
وَحَدِيثُهُمَا يَمْتَزِجُ بِرَنِينِ ٱلْأَجْرَاسِ ٱلْمُعَلَّقَةِ بِٱلْحَيَوَانَاتِ. وَمَعَ ٱلْوَقْتِ، صَارَ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُسَافِرُونَ مُتَمَرِّسِينَ فِي فَكِّ ٱلْخِيَمِ وَنَصْبِهَا وَمُسَاعَدَةِ تَارَحَ ٱلْعَجُوزِ عَلَى ٱمْتِطَاءِ جَمَلٍ أَوْ حِمَارٍ وَٱلْجُلُوسِ عَلَيْهِ مُرْتَاحًا. لَقَدْ سَارَتِ ٱلْقَافِلَةُ فِي ٱلِٱتِّجَاهِ ٱلشَّمَالِيِّ ٱلْغَرْبِيِّ مُتَّبِعَةً ٱنْعِطَافَ نَهْرِ ٱلْفُرَاتِ. فَمَرَّتِ ٱلْأَيَّامُ وَٱلْأَسَابِيعُ وَٱلشَّمْسُ تَطْلُعُ وَتَغِيبُ وَهُمْ مَاضُونَ قُدُمًا فِي تَرْحَالِهِمْ.١٥ أَخِيرًا، بَعْدَمَا قَطَعُوا حَوَالَيْ ٩٦٠ كلم، لَاحَتْ أَمَامَهُمْ حَارَانُ بِأَكْوَاخِهَا ٱلشَّبِيهَةِ بِخَلَايَا ٱلنَّحْلِ، هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةُ ٱلْمُزْدَهِرَةُ ٱلَّتِي تَقَعُ عِنْدَ مُلْتَقَى طُرُقٍ تِجَارِيَّةٍ بَيْنَ ٱلشَّرْقِ وَٱلْغَرْبِ. وَهُنَاكَ حَطَّتِ ٱلْعَائِلَةُ رِحَالَهَا وَمَكَثَتْ فَتْرَةً مِنَ ٱلزَّمَنِ. فَمِنَ ٱلْمُحْتَمَلَ أَنَّ تَارَحَ كَانَ أَضْعَفَ مِنْ أَنْ يُسَافِرَ مَسَافَةً أَطْوَلَ.
١٦، ١٧ (أ) أَيُّ عَهْدٍ فَرَّحَ إِبْرَاهِيمَ؟ (ب) كَيْفَ بَارَكَ يَهْوَهُ إِبْرَاهِيمَ خِلَالَ إِقَامَتِهِ فِي حَارَانَ؟
١٦ بِمُرُورِ ٱلْوَقْتِ، مَاتَ تَارَحُ بِعُمْرِ ٢٠٥ سَنَوَاتٍ. (تك ١١:٣٢) وَنَالَ إِبْرَاهِيمُ تَعْزِيَةً كَبِيرَةً خِلَالَ هٰذِهِ ٱلْفَتْرَةِ ٱلْمُحْزِنَةِ حِينَ تَوَاصَلَ مَعَهُ يَهْوَهُ مِنْ جَدِيدٍ. فَأَعَادَ عَلَى مَسْمَعِهِ ٱلْإِرْشَادَاتِ ٱلَّتِي أَعْطَاهُ إِيَّاهَا فِي أُورَ وَفَصَّلَ ٱلْوُعُودَ ٱلَّتِي قَطَعَهَا لَهُ. فَهُوَ كَانَ سَيُصْبِحُ «أُمَّةً عَظِيمَةً» وَبِوَاسِطَتِهِ تَتَبَارَكُ جَمِيعُ عَشَائِرِ ٱلْأَرْضِ. (اقرإ التكوين ١٢:٢، ٣.) وَقَدْ فَرِحَ إِبْرَاهِيمُ بِهٰذَا ٱلْعَهْدِ ٱلَّذِي أَكَّدَهُ ٱللهُ ثَانِيَةً فِي حَارَانَ وَأَدْرَكَ أَنَّ ٱلْأَوَانَ حَانَ لِيُتَابِعَ ٱلْمَسِيرَ.
تك ١٢:٥) فَكَيْ يُصْبِحَ أُمَّةً كَبِيرَةً لَزِمَ أَنْ يَمْلِكَ مَوَارِدَ مَادِّيَّةً وَخَدَمًا وَجَوَارِيَ. صَحِيحٌ أَنَّ يَهْوَهَ لَا يَهَبُ خُدَّامَهُ دَوْمًا ٱلثَّرْوَةَ وَٱلْغِنَى، لٰكِنَّهُ يُزَوِّدُهُمْ بِكُلِّ مَا يَلْزَمُ لِإِتْمَامِ مَشِيئَتِهِ. وَهٰكَذَا قَادَ إِبْرَاهِيمُ قَافِلَتَهُ إِلَى حَيْثُ لَا يَدْرِي قَوِيًّا رَاسِخَ ٱلْإِيمَانِ.
١٧ لٰكِنَّهُ هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ كَانَ سَيُوَضِّبُ ٱلْمَزِيدَ مِنَ ٱلْمُمْتَلَكَاتِ لِأَنَّ يَهْوَهَ بَارَكَهُ خِلَالَ إِقَامَتِهِ فِي حَارَانَ. فَٱلرِّوَايَةُ تَقُولُ إِنَّهُ أَخَذَ سَارَةَ وَلُوطًا وَ «كُلَّ ٱلْمُقْتَنَيَاتِ ٱلَّتِي ٱقْتَنَيَاهَا وَٱلنُّفُوسَ ٱلَّتِي ٱمْتَلَكَاهَا فِي حَارَانَ». (١٨ (أ) أَيُّ تَارِيخٍ يُعَدُّ مَحَطَّةً بَارِزَةً فِي تَعَامُلَاتِ ٱللهِ مَعَ شَعْبِهِ؟ (ب) أَيَّةُ أَحْدَاثٍ مُهِمَّةٍ أُخْرَى حَصَلَتْ فِي ١٤ نِيسَانَ ٱلْقَمَرِيِّ فِي ٱلسَّنَوَاتِ ٱللَّاحِقَةِ؟ (اُنْظُرِ ٱلْإِطَارَ « حَدَثَ فِي مِثْلِ هٰذَا ٱلتَّارِيخِ . . .».)
١٨ عَلَى بُعْدِ سَفَرِ أَيَّامٍ مِنْ حَارَانَ تَقَعُ كَرْكَمْيشُ ٱلَّتِي تَصِلُ إِلَيْهَا ٱلْقَوَافِلُ عَادَةً بِعُبُورِ نَهْرِ ٱلْفُرَاتِ. فِي هٰذِهِ ٱلْبُقْعَةِ عَلَى أَغْلَبِ ٱلظَّنِّ، حَدَثَ مَعَ إِبْرَاهِيمَ مَا يُعَدُّ مَحَطَّةً بَارِزَةً فِي تَارِيخِ تَعَامُلَاتِ ٱللهِ مَعَ شَعْبِهِ. فَكَمَا يَتَّضِحُ، ٱجْتَازَ ٱلنَّهْرَ مَعَ قَافِلَتِهِ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلرَّابِعَ عَشَرَ مِنَ ٱلشَّهْرِ ٱلَّذِي دُعِيَ لَاحِقًا «نِيسَانَ» ٱلْقَمَرِيَّ سَنَةَ ١٩٤٣ قم. (خر ١٢:٤٠-٤٣) وَإِلَى ٱلْجَنُوبِ مِنْ كَرْكَمِيشَ، ٱمْتَدَّتِ ٱلْأَرْضُ ٱلَّتِي وَعَدَ ٱللهُ أَنْ يُرِيَهُ إِيَّاهَا. فَفِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ، أَصْبَحَ ٱلْعَهْدُ ٱلْإِبْرَاهِيمِيُّ سَارِيَ ٱلْمَفْعُولِ.
١٩ مَاذَا أَتَى يَهْوَهُ عَلَى ذِكْرِهِ حِينَ كَلَّمَ إِبْرَاهِيمَ، وَمَاذَا رُبَّمَا تَبَادَرَ إِلَى ذِهْنِ إِبْرَاهِيمُ؟
١٩ تَوَغَّلَ إِبْرَاهِيمُ جَنُوبًا إِلَى أَنْ تَوَقَّفَتِ ٱلْقَافِلَةُ قُرْبَ ٱلْأَشْجَارِ ٱلْكَبِيرَةِ فِي مُورَةَ بِجِوَارِ شَكِيمَ. وَهُنَاكَ كَلَّمَهُ يَهْوَهُ مِنْ جَدِيدٍ، آتِيًا هٰذِهِ ٱلْمَرَّةَ عَلَى ذِكْرِ نَسْلِهِ، أَوْ ذُرِّيَّتِهِ، ٱلَّذِي كَانَ سَيَمْتَلِكُ ٱلْأَرْضَ. فَهَلِ ٱسْتَذْكَرَ إِبْرَاهِيمُ ٱلنُّبُوَّةَ ٱلَّتِي تَفَوَّهَ بِهَا يَهْوَهُ فِي عَدْنٍ عَنْ ‹نَسْلٍ› سَيُخَلِّصُ ٱلْبَشَرَ يَوْمًا مَا؟ (تك ٣:١٥؛ ١٢:٧) رُبَّمَا. فَلَعَلَّهُ بَدَأَ يُدْرِكُ، وَإِنْ لَمْ تَتَّضِحْ لَهُ ٱلصُّورَةُ تَمَامًا، أَنَّهُ جُزْءٌ مِنْ قَصْدٍ عَظِيمٍ يَدُورُ فِي فِكْرِ يَهْوَهَ.
٢٠ كَيْفَ أَظْهَرَ إِبْرَاهِيمُ تَقْدِيرَهُ لِلِٱمْتِيَازِ ٱلَّذِي حَظِيَ بِهِ مِنْ يَهْوَهَ؟
٢٠ أَكَنَّ إِبْرَاهِيمُ كُلَّ تَقْدِيرٍ لِلِٱمْتِيَازِ ٱلَّذِي حَظِيَ بِهِ مِنْ يَهْوَهَ. فَفِيمَا التكوين ١٢:٧، ٨.) طَبْعًا، كَانَ إِبْرَاهِيمُ سَيُوَاجِهُ تَحَدِّيَاتٍ كَبِيرَةً تَمْتَحِنُ إِيمَانَهُ خِلَالَ رِحْلَةِ حَيَاتِهِ. وَهُوَ لَمْ يَتَطَلَّعْ إِلَى ٱلْوَرَاءِ، إِلَى مَنْزِلِهِ وَٱلْحَيَاةِ ٱلْمُتْرَفَةِ فِي أُورَ، بَلْ تَطَلَّعَ إِلَى ٱلْأَمَامِ مُبْقِيًا فِي بَالِهِ وَعْدَ يَهْوَهَ. تَذْكُرُ عَنْهُ ٱلْعِبْرَانِيِّين ١١:١٠: «كَانَ يَنْتَظِرُ ٱلْمَدِينَةَ ٱلَّتِي لَهَا أَسَاسَاتٌ حَقِيقِيَّةٌ، ٱلَّتِي ٱللهُ بَانِيهَا وَصَانِعُهَا».
ٱجْتَازَ فِي ٱلْأَرْضِ، بِحَذَرٍ دُونَ شَكٍّ لِأَنَّهَا كَانَتْ لَا تَزَالُ مَأْهُولَةً بِٱلْكَنْعَانِيِّينَ، تَوَقَّفَ وَبَنَى مَذْبَحَيْنِ لِإِلٰهِهِ: أَوَّلًا قُرْبَ ٱلْأَشْجَارِ ٱلْكَبِيرَةِ فِي مُورَةَ ثُمَّ قُرْبَ بَيْتَ إِيلَ. وَدَعَا بِٱسْمِ يَهْوَهَ، مُعَبِّرًا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ عَنِ ٱمْتِنَانِهِ ٱلْقَلْبِيِّ لَهُ عَلَى ٱلْمُسْتَقْبَلِ ٱلَّذِي يَنْتَظِرُ ذُرِّيَّتَهُ. وَيُحْتَمَلُ أَيْضًا أَنَّهُ كَرَزَ لِجِيرَانِهِ ٱلْكَنْعَانِيِّينَ. (اقرإ٢١ كَيْفَ نَفُوقُ إِبْرَاهِيمَ بِأَشْوَاطٍ فِي مَعْرِفَتِنَا عَنْ مَلَكُوتِ ٱللهِ، وَعَلَامَ أَنْتَ مُصَمِّمٌ؟
٢١ نَحْنُ خُدَّامَ يَهْوَهَ ٱلْيَوْمَ نَفُوقُ إِبْرَاهِيمَ بِأَشْوَاطٍ فِي ٱلْمَعْرِفَةِ عَنْ هٰذِهِ ٱلْمَدِينَةِ ٱلْمَجَازِيَّةِ، مَلَكُوتِ ٱللهِ. فَقَدْ تَعَلَّمْنَا أَنَّ ٱلْمَلَكُوتَ يَحْكُمُ فِي ٱلسَّمَاءِ وَعَمَّا قَرِيبٍ سَيَضَعُ حَدًّا لِهٰذَا ٱلنِّظَامِ. وَتَعَلَّمْنَا أَيْضًا أَنَّ نَسْلَ إِبْرَاهِيمَ ٱلْمَوْعُودَ بِهِ مُنْذُ زَمَنٍ طَوِيلٍ، يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ، هُوَ ٱلْآنَ مَلِكُ هٰذَا ٱلْمَلَكُوتِ. فَيَا لَهُ مِنِ ٱمْتِيَازٍ أَنْ نَصِلَ إِلَى ٱلْوَقْتِ حِينَ يَقُومُ إِبْرَاهِيمُ مِنْ رُقَادِ ٱلْمَوْتِ وَيَفْهَمُ كَامِلًا ٱلْقَصْدَ ٱلْإِلٰهِيَّ ٱلَّذِي كَانَ يَرَاهُ رُؤْيَةً غَبْشَاءَ! فَهَلْ تَوَدُّ أَنْ تَرَى يَهْوَهَ يُتَمِّمُ كُلَّ وُعُودِهِ؟ اِسْتَمِرَّ إِذًا فِي ٱلسَّيْرِ عَلَى خُطَى إِبْرَاهِيمَ. تَحَلَّ بِرُوحِ ٱلتَّضْحِيَةِ بِٱلذَّاتِ، أَعْرِبْ عَنْ طَاعَةٍ قَلْبِيَّةٍ، وَأَظْهِرِ ٱمْتِنَانًا كَبِيرًا لِيَهْوَهَ عَلَى أَيِّ ٱمْتِيَازٍ يُنْعِمُ بِهِ عَلَيْكَ. وَفِيمَا تَتَمَثَّلُ بِإِيمَانِ إِبْرَاهِيمَ، ‹أَبِي جَمِيعِ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ›، تُمْسِي أَنْتَ أَيْضًا فِي عِدَادِ هٰؤُلَاءِ ٱلْمُؤْمِنِينَ.
^ الفقرة 1 فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ، كَانَ ٱسْمُ إِبْرَاهِيمَ هُوَ أَبْرَامَ. وَلٰكِنْ بَعْدَ سَنَوَاتٍ، غَيَّرَ ٱللهُ ٱسْمَهُ إِلَى إِبْرَاهِيمَ ٱلَّذِي يَعْنِي «أَبًا لِجُمْهُورٍ». — تك ١٧:٥.
^ الفقرة 4 بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ، غَالِبًا مَا يُذْكَرُ إِبْرَاهِيمُ أَوَّلًا بَيْنَ أَبْنَاءِ تَارَحَ مَعَ أَنَّهُ حَتْمًا لَمْ يَكُنْ أَكْبَرَهُمْ.
^ الفقرة 6 فِي ذٰلِكَ ٱلْوَقْتِ، كَانَ ٱسْمُ سَارَةَ هُوَ سَارَايَ. وَلٰكِنْ بَعْدَ سَنَوَاتٍ، غَيَّرَ ٱللهُ ٱسْمَهَا إِلَى سَارَةَ ٱلَّذِي يَعْنِي «أَمِيرَةً». — تك ١٧:١٥.
^ الفقرة 12 يُشَكِّكُ بَعْضُ ٱلْعُلَمَاءِ فِي تَدْجِينِ ٱلْجِمَالِ زَمَنَ إِبْرَاهِيمَ. إِلَّا أَنَّ ٱعْتِرَاضَاتِهِمْ هٰذِهِ أَسَاسُهَا ضَعِيفٌ. فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَذْكُرُ عِدَّةَ مَرَّاتٍ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ كَانَ يَقْنِي جِمَالًا. — تك ١٢:١٦؛ ٢٤:٣٥.