اَلْفَصْلُ ٱلْخَامِسُ
«امرأة فاضلة»
١، ٢ (أ) مَا طَبِيعَةُ ٱلْعَمَلِ ٱلَّذِي قَامَتْ بِهِ رَاعُوثُ؟ (ب) مَاذَا لَمَسَتْ رَاعُوثُ فِي شَرِيعَةِ يَهْوَهَ وَعُبَّادِهِ؟
جَثَتْ رَاعُوثُ بِجَانِبِ سَنَابِلِ ٱلشَّعِيرِ ٱلَّتِي لَمْلَمَتْهَا خِلَالَ ٱلنَّهَارِ. كَانَ ٱلْمَسَاءُ يُرْخِي سَتَائِرَهُ عَلَى ٱلْحُقُولِ ٱلْمُحِيطَةِ بِبَيْتَ لَحْمَ، وَعُمَّالٌ كَثِيرُونَ مَاضِينَ فِي طَرِيقِهِمْ إِلَى بَوَّابَةِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلْجَاثِمَةِ عَلَى مُرْتَفَعٍ مُجَاوِرٍ. وَمَعَ أَنَّ ٱلتَّعَبَ أَخَذَ مِنْ رَاعُوثَ كُلَّ مَأْخَذٍ بَعْدَمَا كَدَحَتْ طَوَالَ ٱلْيَوْمِ تَحْتَ حَرِّ ٱلشَّمْسِ، ٱنْكَبَّتْ عَلَى ٱلسَّنَابِلِ تَخْبِطُهَا بِمِدْرَسٍ يَدَوِيٍّ أَوْ عَصًا صَغِيرَةٍ لِتَفْصِلَ ٱلْحَبَّ عَنْهَا. وَلٰكِنْ رَغْمَ تَعَبِهَا، ٱعْتَبَرَتْ يَوْمَهَا مُوَفَّقًا وَأَفْضَلَ بِكَثِيرٍ مِمَّا كَانَتْ تَتَرَجَّى.
٢ تُرَى هَلْ بَدَأَتِ ٱلْحَيَاةُ تَبْتَسِمُ فِي وَجْهِ هٰذِهِ ٱلْأَرْمَلَةِ ٱلْمُوآبِيَّةِ ٱلشَّابَّةِ؟ فَكَمَا رَأَيْنَا فِي ٱلْفَصْلِ ٱلسَّابِقِ، قَرَّرَتْ رَاعُوثُ مُرَافَقَةَ حَمَاتِهَا نُعْمِي آخِذَةً عَلَى نَفْسِهَا عَهْدًا أَنْ تَلْتَصِقَ بِهَا وَتَعْبُدَ إِلٰهَهَا يَهْوَهَ. وَبَعْدَ رُجُوعِهِمَا مَحْزُونَتَيْنِ مِنْ مُوآبَ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ، سُرْعَانَ مَا عَلِمَتْ أَنَّ شَرِيعَةَ يَهْوَهَ تَنُصُّ عَلَى تَدَابِيرَ عَمَلِيَّةٍ تَحْفَظُ كَرَامَةَ ٱلْفُقَرَاءِ فِي إِسْرَائِيلَ، بِمَنْ فِيهِمِ ٱلْغُرَبَاءُ. وَهَا هِيَ ٱلْآنَ تَرَى عُبَّادًا لِيَهْوَهَ يَعِيشُونَ بِمُقْتَضَى ٱلشَّرِيعَةِ ٱلَّتِي تَرَبَّوْا عَلَيْهَا وَيُعْرِبُونَ عَنْ نُضْجٍ رُوحِيٍّ وَلُطْفٍ فَائِقٍ مَسَّا قَلْبَهَا ٱلْجَرِيحَ.
٣، ٤ (أ) كَيْفَ شَجَّعَ بُوعَزُ رَاعُوثَ؟ (ب) كَيْفَ يُسَاعِدُنَا مِثَالُ رَاعُوثَ فِي ٱلظُّرُوفِ ٱلِٱقْتِصَادِيَّةِ ٱلصَّعْبَةِ ٱلَّتِي نَعِيشُهَا ٱلْيَوْمَ؟
٣ وَأَحَدُ هٰؤُلَاءِ ٱلْعُبَّادِ هُوَ بُوعَزُ، ٱلرَّجُلُ ٱلْمُسِنُّ ٱلْوَاسِعُ ٱلثَّرَاءِ ٱلَّذِي أَظْهَرَ لَهَا ٱهْتِمَامًا أَبَوِيًّا ٱلْيَوْمَ وَهِيَ تَلْتَقِطُ فِي حُقُولِهِ. وَلَمْ يَسَعْهَا إِلَّا أَنْ تَبْتَسِمَ فِي سِرِّهَا حِينَ تَذَكَّرَتْ إِطْرَاءَهُ ٱللَّطِيفَ وَهُوَ يُثْنِي عَلَيْهَا لِٱهْتِمَامِهَا بِنُعْمِي وَٱحْتِمَائِهَا تَحْتَ جَنَاحَيِ ٱلْإِلٰهِ ٱلْحَقِيقِيِّ يَهْوَهَ. — اقرأ راعوث ٢:١١-١٤.
٤ لٰكِنَّ ذٰلِكَ لَا يَمْنَعُ أَنَّ رَاعُوثَ كَانَتْ قَلِقَةً عَلَى حَيَاتِهَا فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ. فَبِمَا أَنَّهَا غَرِيبَةٌ فَقِيرَةٌ لَا زَوْجَ لَهَا وَلَا وَلَدَ، فَكَيْفَ لَهَا أَنْ تُعِيلَ نَفْسَهَا وَحَمَاتَهَا؟ أَيَكْفِي ٱللُّقَاطُ لِسَدِّ حَاجَاتِهِمَا؟ وَمَنْ سَيُعْنَى بِأَمْرِهَا هِيَ حِينَ تَتَقَدَّمُ بِهَا ٱلسِّنُونَ؟ لَيْسَ مُسْتَغْرَبًا أَنْ تَشْغَلَ بَالَهَا هَوَاجِسُ كَهٰذِهِ. فَٱلْيَوْمَ أَيْضًا تُثْقِلُ هُمُومٌ مُمَاثِلَةٌ كَاهِلَ ٱلْكَثِيرِينَ نَظَرًا إِلَى ٱلظُّرُوفِ ٱلِٱقْتِصَادِيَّةِ ٱلصَّعْبَةِ ٱلَّتِي نَعِيشُهَا. وَفِيمَا نَتَعَلَّمُ كَيْفَ تَخَطَّتْ رَاعُوثُ بِإِيمَانِهَا هٰذِهِ ٱلصُّعُوبَاتِ، نَنْدَفِعُ إِلَى ٱلِٱقْتِدَاءِ بِهَا مِنْ نَوَاحٍ عَدِيدَةٍ.
مَاذَا يَجْعَلُ ٱلْعَائِلَةَ عَائِلَةً بِحَقٍّ؟
٥، ٦ (أ) هَلْ تَوَفَّقَتْ رَاعُوثُ خِلَالَ ٱلْيَوْمِ ٱلْأَوَّلِ مِنِ ٱلْتِقَاطِهَا فِي حَقْلِ بُوعَزَ؟ (ب) مَاذَا كَانَتْ رَدَّةُ فِعْلِ نُعْمِي عِنْدَمَا رَأَتْ رَاعُوثَ؟
٥ عِنْدَمَا أَنْهَتْ رَاعُوثُ خَبْطَ ٱلسَّنَابِلِ وَجَمْعَ ٱلْحُبُوبِ، تَبَيَّنَ أَنَّهَا ٱلْتَقَطَتْ نَحْوَ إِيفَةٍ (٢٢ لِتْرًا جَافًّا) مِنَ ٱلشَّعِيرِ، كَمِّيَّةً رُبَّمَا بَلَغَ وَزْنُهَا حَوَالَيْ أَرْبَعَةَ عَشَرَ كِيلُوغْرَامًا. فَحَمَلَتْهَا، رُبَّمَا فِي صُرَّةٍ عَلَى رَأْسِهَا، ثُمَّ تَوَجَّهَتْ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ فِيمَا أَخَذَ ٱللَّيْلُ يَبْسُطُ رِدَاءَهُ ٱلْمُظْلِمَ. — را ٢:١٧.
٦ سُرَّتْ نُعْمِي بِرُؤْيَةِ كَنَّتِهَا ٱلْحَبِيبَةِ، وَلَعَلَّهَا شَهَقَتْ مُتَفَاجِئَةً حِينَ رَأَتْ حِمْلَهَا ٱلثَّقِيلَ. كَانَتْ رَاعُوثُ قَدْ جَلَبَتْ أَيْضًا مَا فَضَلَ مِنَ ٱلطَّعَامِ ٱلَّذِي زَوَّدَهُ بُوعَزُ لِلْحَصَّادِينَ، فَجَلَسَتِ ٱلِٱثْنَتَانِ تَتَنَاوَلَانِ وَجْبَةً مُتَوَاضِعَةً. سَأَلَتْهَا نُعْمِي: «أَيْنَ ٱلْتَقَطْتِ ٱلْيَوْمَ، وَأَيْنَ عَمِلْتِ؟ لِيَتَبَارَكْ مَنِ ٱهْتَمَّ بِكِ!». (را ٢:١٩) كَانَتْ نُعْمِي شَدِيدَةَ ٱلْمُلَاحَظَةِ. فَقَدِ ٱسْتَنْتَجَتْ مِنْ كَمِّيَّةِ ٱلشَّعِيرِ ٱلْكَبِيرَةِ ٱلَّتِي أَحْضَرَتْهَا رَاعُوثُ أَنَّ ثَمَّةَ مَنِ ٱهْتَمَّ بِهٰذِهِ ٱلْأَرْمَلَةِ ٱلشَّابَّةِ وَعَامَلَهَا بَلُطْفٍ.
٧، ٨ (أ) حِينَ عَلِمَتْ نُعْمِي بِصَنِيعِ بُوعَزَ، لِمَنْ أَرْجَعَتِ ٱلْفَضْلَ وَلِمَاذَا؟ (ب) كَيْفَ ٱسْتَمَرَّتْ رَاعُوثُ تُعْرِبُ عَنْ مَحَبَّةٍ مَجْبُولَةٍ بِٱلْوَلَاءِ تِجَاهَ حَمَاتِهَا؟
٧ بَيْنَمَا رَاحَتِ ٱلِٱثْنَتَانِ تَتَسَامَرَانِ، أَخْبَرَتْ رَاعُوثُ حَمَاتَهَا عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ ٱلَّذِي أَسْدَاهُ إِلَيْهَا بُوعَزُ. فَتَأَثَّرَتْ نُعْمِي وَقَالَتْ: «مُبَارَكٌ هُوَ مِنْ يَهْوَهَ، ٱلَّذِي لَمْ يَتَخَلَّ عَنْ لُطْفِهِ ٱلْحُبِّيِّ نَحْوَ ٱلْأَحْيَاءِ وَٱلْأَمْوَاتِ». (را ٢:٢٠) فَقَدِ ٱعْتَبَرَتْ صَنِيعَ بُوعَزَ لُطْفًا مِنْ يَهْوَهَ ٱلَّذِي يَحُثُّ قُلُوبَ خُدَّامِهِ عَلَى ٱلسَّخَاءِ وَيَعِدُ بِمُكَافَأَتِهِمْ عَلَى إِحْسَانِهِمْ. * — اقرإ الامثال ١٩:١٧.
٨ بَعْدَئِذٍ، شَجَّعَتْ نُعْمِي رَاعُوثَ عَلَى قُبُولِ عَرْضِ بُوعَزَ أَنْ تَلْتَقِطَ فِي حُقُولِهِ وَتُلَازِمَ فَتَيَاتِهِ، خَدَمَ بَيْتِهِ، لِئَلَّا يَتَعَرَّضَ لَهَا ٱلْحَصَّادُونَ. فَأَخَذَتْ رَاعُوثُ بِٱلنَّصِيحَةِ. كَمَا أَنَّهَا ظَلَّتْ ‹سَاكِنَةً مَعَ حَمَاتِهَا›. (را ٢:٢٢، ٢٣) وَبِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ، تَبْرُزُ مُجَدَّدًا ٱلْعَلَامَةُ ٱلْفَارِقَةُ ٱلَّتِي تَمَيَّزَتْ بِهَا رَاعُوثُ: اَلْمَحَبَّةُ ٱلْمَجْبُولَةُ بِٱلْوَلَاءِ. وَمِثَالُهَا هٰذَا يَدْفَعُنَا أَنْ نَسْأَلَ أَنْفُسَنَا هَلْ نُقَدِّرُ رَوَابِطَنَا ٱلْعَائِلِيَّةَ وَنَحْتَرِمُ ٱلْتِزَامَاتِنَا تِجَاهَ أَحِبَّائِنَا، فَنُعِيلُهُمْ وَنَدْعَمُهُمْ بِوَلَاءٍ وَنُقَدِّمُ لَهُمُ ٱلْمُسَاعَدَةَ عِنْدَ ٱلْحَاجَةِ. فَيَهْوَهُ لَنْ يَغْفُلَ أَبَدًا عَنْ مَحَبَّتِنَا وَوَلَائِنَا.
يُعَلِّمُنَا مِثَالُ رَاعُوثَ وَنُعْمِي أَنْ نُقَدِّرَ عَائِلَتَنَا وَنَحْتَرِمَهَا حَتَّى لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً
٩ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ رَاعُوثَ وَنُعْمِي عَنْ مَفْهُومِ ٱلْعَائِلَةِ؟
٩ وَهَلْ يُمْكِنُ ٱلْقَوْلُ إِنَّ رَاعُوثَ وَنُعْمِيَ شَكَّلَتَا عَائِلَةً بِكُلِّ مَا لِلْكَلِمَةِ مِنْ مَعْنًى؟ يَرَى ٱلْبَعْضُ أَنَّ ٱلْعَائِلَةَ لَا تُعَدُّ عَائِلَةً بِحَقٍّ مَا لَمْ يَتَوَفَّرْ فِيهَا زَوْجٌ وَزَوْجَةٌ وَأَوْلَادٌ وَأَجْدَادٌ وَمَا إِلَى ذٰلِكَ. لٰكِنَّ عَائِلَةَ رَاعُوثَ وَنُعْمِي تُؤَكِّدُ لَنَا أَنَّ بِإِمْكَانِ خُدَّامِ يَهْوَهَ أَنْ يَتَّحِدُوا فِي ٱلْمَحَبَّةِ وَيُشِيعُوا جَوًّا مِنَ ٱلدِّفْءِ وَٱللُّطْفِ وَٱلْمَوَدَّةِ فِي عَائِلَتِهِمْ حَتَّى لَوْ كَانَتْ صَغِيرَةً. فَهَلْ تُقَدِّرُ عَائِلَتَكَ مَهْمَا كَانَ حَجْمُهَا؟ لَا تَنْسَ أَيْضًا مَا قَالَهُ يَسُوعُ لِأَتْبَاعِهِ إِنَّ ٱلْجَمَاعَةَ ٱلْمَسِيحِيَّةَ هِيَ عَائِلَةُ مَنْ لَا عَائِلَةَ لَهُ. — مر ١٠:٢٩، ٣٠.
«هُوَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا»
١٠ أَيُّ أَمْرٍ شَغَلَ بَالَ نُعْمِي؟
١٠ دَاوَمَتْ رَاعُوثُ عَلَى ٱلِٱلْتِقَاطِ فِي حُقُولِ بُوعَزَ بَدْءًا مِنْ حَصَادِ ٱلشَّعِيرِ را ١:١١-١٣) أَمَّا ٱلْآنَ فَٱخْتَلَفَ ٱلْوَضْعُ. لِذَا قَالَتْ لَهَا: «يَا ٱبْنَتِي، أَلَا أَطْلُبُ لَكِ مَكَانَ رَاحَةٍ؟». (را ٣:١) لَقَدْ جَرَتِ ٱلْعَادَةُ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ أَنْ يُدَبِّرَ ٱلْوَالِدُونَ رُفَقَاءَ زَوَاجٍ لِأَوْلَادِهِمْ. وَبِمَا أَنَّ نُعْمِيَ ٱعْتَبَرَتْ رَاعُوثَ ٱبْنَتَهَا، أَرَادَتْ أَنْ تَجِدَ لَهَا «مَكَانَ رَاحَةٍ»، أَيِ ٱلطُّمَأْنِينَةَ وَٱلْحِمَايَةَ ٱللَّتَيْنِ يُفْتَرَضُ أَنْ تَنْعَمَ بِهِمَا فِي بَيْتِهَا ٱلزَّوْجِيِّ. وَلٰكِنْ مَاذَا كَانَ فِي طَاقَةِ يَدِهَا أَنْ تَفْعَلَ لَهَا؟
فِي نَيْسَانَ (إِبْرِيل) حَتَّى حَصَادِ ٱلْحِنْطَةِ فِي حَزِيرَانَ (يُونْيُو). وَفِيمَا مَرَّتِ ٱلْأَسَابِيعُ، لَا شَكَّ أَنَّ نُعْمِيَ فَكَّرَتْ مُطَوَّلًا كَيْفَ تُسَاعِدُ كَنَّتَهَا ٱلْعَزِيزَةَ. فَخِلَالَ إِقَامَتِهِمَا فِي مُوآبَ، كَانَتْ قَدْ قَطَعَتِ ٱلْأَمَلَ مِنْ تَزْوِيجِهَا مَرَّةً ثَانِيَةً. (١١، ١٢ (أ) أَيُّ تَدْبِيرٍ حُبِّيٍّ فِي شَرِيعَةِ ٱللهِ أَشَارَتْ إِلَيْهِ نُعْمِي حِينَ قَالَتْ عَنْ بُوعَزَ: «هُوَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا»؟ (ب) كَيْفَ تَجَاوَبَتْ رَاعُوثُ مَعَ نَصِيحَةِ حَمَاتِهَا؟
١١ عِنْدَمَا أَتَتْ رَاعُوثُ عَلَى ذِكْرِ بُوعَزَ لِأَوَّلِ مَرَّةٍ، قَالَتْ نُعْمِي: «اَلرَّجُلُ ذُو قَرَابَةٍ لَنَا. وَهُوَ مِنْ أَوْلِيَائِنَا». (را ٢:٢٠) فَمَاذَا عَنَتْ بِذٰلِكَ؟ تَضَمَّنَتِ ٱلشَّرِيعَةُ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا ٱللهُ لِإِسْرَائِيلَ تَدَابِيرَ حُبِّيَّةً لِلْعَائِلَاتِ ٱلَّتِي فُجِعَتْ أَوِ ٱفْتَقَرَتْ مِنْ غَدْرِ ٱلزَّمَانِ. فَكَانَتِ ٱلْمَرْأَةُ ٱلَّتِي تَتَرَمَّلُ قَبْلَ أَنْ تُنْجِبَ وَلَدًا تَحِلُّ بِهَا مُصِيبَةٌ كَبِيرَةٌ لِأَنَّ ذُرِّيَّةَ زَوْجِهَا تَنْقَطِعُ فَيَنْدَثِرُ ٱسْمُهُ مَدَى ٱلْأَجْيَالِ. لٰكِنَّ شَرِيعَةَ ٱللهِ أَتَاحَتْ لِأَخِي ٱلْمَيِّتِ ٱلتَّزَوُّجَ بِأَرْمَلَةِ أَخِيهِ كَيْ تُنْجِبَ وَرِيثًا يَحْمِلُ ٱسْمَ زَوْجِهَا ٱلْمَيِّتِ وَيَهْتَمُّ بِكَافَّةِ أَمْلَاكِ ٱلْعَائِلَةِ. * — تث ٢٥:٥-٧.
١٢ بِنَاءً عَلَيْهِ، أَوْضَحَتْ نُعْمِي لِكَنَّتِهَا خُطَّتَهَا لِإِتْمَامِ هٰذَا ٱلزَّوَاجِ. وَلَعَلَّ رَاعُوثَ فَغَرَتْ فَمَهَا مِنَ ٱلدَّهْشَةِ فِيمَا رَاحَتْ تَسْمَعُ كَلَامَ حَمَاتِهَا. فَهِيَ لَمْ تَكُنْ مُلِمَّةً بَعْدُ بِشَرِيعَةِ إِسْرَائِيلَ وَلَا بِعَادَاتِهَا وَتَقَالِيدِهَا. مَعَ ذٰلِكَ، دَفَعَهَا ٱحْتِرَامُهَا ٱلْعَمِيقُ لِنُعْمِي أَنْ تُصْغِيَ بِٱنْتِبَاهٍ إِلَى كُلِّ كَلِمَةٍ. وَمَعَ أَنَّ مَا نَصَحَتْهَا بِهِ بَدَا صَعْبًا أَوْ مُحْرِجًا، وَرُبَّمَا مُخْزِيًا أَيْضًا، وَافَقَتْ عَلَى كَلَامِهَا قَائِلَةً بِتَوَاضُعٍ: «كُلُّ مَا قُلْتِ لِي أَفْعَلُهُ». — را ٣:٥.
١٣ مَاذَا نَتَعَلَّمُ مِنْ رَاعُوثَ عَنِ ٱلْعَمَلِ بِنَصِيحَةِ ٱلْأَكْبَرِ سِنًّا؟ (اُنْظُرْ أَيْضًا أَيُّوب ١٢:١٢.)
١٣ أَحْيَانًا، يَصْعُبُ عَلَى ٱلَّذِينَ فِي سِنِّ ٱلشَّبَابِ ٱلْعَمَلُ بِنَصِيحَةِ ٱلْأَكْبَرِ سِنًّا وَٱلْأَكْثَرِ خِبْرَةً، مُفْتَرِضِينَ أَنَّ ٱلْجِيلَ ٱلْقَدِيمَ لَا يَفْهَمُ حَقًّا ٱلتَّحَدِّيَاتِ وَٱلْمَشَاكِلَ ٱلَّتِي يُوَاجِهُهَا ٱلْجِيلُ ٱلْجَدِيدُ. غَيْرَ أَنَّ مِثَالَ رَاعُوثَ ٱلْمُتَوَاضِعَةِ يُعَلِّمُنَا أَنَّ ٱلْإِصْغَاءَ إِلَى حِكْمَةِ ٱلْأَكْبَرِ سِنًّا ٱلَّذِينَ يُحِبُّونَنَا وَيَهْتَمُّونَ بِمَصْلَحَتِنَا المزمور ٧١:١٧، ١٨.) وَلٰكِنْ مَاذَا كَانَتْ مَشُورَةُ نُعْمِي لِكَنَّتِهَا، وَكَيْفَ ٱسْتَفَادَتْ رَاعُوثُ مِنْ تَطْبِيقِهَا؟
يَعُودُ عَلَيْنَا بِفَوَائِدَ جَمَّةٍ. (اقرإرَاعُوثُ فِي ٱلْبَيْدَرِ
١٤ مَا هُوَ ٱلْبَيْدَرُ، وَمَاذَا كَانَ يُنْجَزُ فِيهِ؟
١٤ فِي ذٰلِكَ ٱلْمَسَاءِ تَوَجَّهَتْ رَاعُوثُ إِلَى ٱلْبَيْدَرِ، وَهُوَ بُقْعَةٌ مُنْبَسِطَةٌ مَرْصُوصَةٌ يَقْصِدُهَا ٱلْمُزَارِعُونَ لِدَرْسِ ٱلْحُبُوبِ وَتَذْرِيَتِهَا. وَيَقَعُ ٱلْبَيْدَرُ عَادَةً عَلَى تَلَّةٍ أَوْ فِي سَفْحِهَا حَيْثُ يَهُبُّ ٱلنَّسِيمُ قَوِيًّا عِنْدَ ٱلْعَصْرِ وَفِي أَوَّلِ ٱلْمَسَاءِ. وَلِفَصْلِ ٱلْحُبُوبِ عَنِ ٱلْعُصَافَةِ وَٱلتِّبْنِ، يُلْقِي ٱلْحَصَّادُ ٱلْحُبُوبَ فِي ٱلْهَوَاءِ مُسْتَخْدِمًا مِذْرَاةً أَوْ رَفْشًا كَبِيرًا. فَتَسُوقُ ٱلرِّيحُ بَعِيدًا ٱلْعُصَافَةَ ٱلْخَفِيفَةَ ٱلْوَزْنِ، فِي حِينِ تَقَعُ ٱلْحُبُوبُ ٱلْأَثْقَلُ أَرْضًا.
١٥، ١٦ (أ) كَيْفَ يَكُونُ ٱلْبَيْدَرُ عِنْدَ ٱلْمَسَاءِ، وَمَاذَا فَعَلَ بُوعَزُ فِي نِهَايَةِ يَوْمِهِ؟ (ب) كَيْفَ ٱكْتَشَفَ بُوعَزُ أَنَّ رَاعُوثَ مُضْطَجِعَةٌ عِنْدَ قَدَمَيْهِ؟
١٥ رَاقَبَتْ رَاعُوثُ ٱلْبَيْدَرَ دُونَ أَنْ تَلْفِتَ ٱلْأَنْظَارَ فِيمَا أَخَذَتْ وَتِيرَةُ ٱلْعَمَلِ تَخِفُّ شَيْئًا فَشَيْئًا. كَانَ بُوعَزُ قَدْ أَشْرَفَ عَلَى تَذْرِيَةِ ٱلْحُبُوبِ وَكَدْسِهَا كَوْمَةً كَبِيرَةً. فَأَكَلَ وَشَبِعَ ثُمَّ تَمَدَّدَ عِنْدَ طَرَفِ كُدْسِ ٱلْحُبُوبِ. لَقَدْ كَانَ ٱلنَّوْمُ بِجَانِبِ ٱلْمَحْصُولِ عَادَةً شَائِعَةً كَمَا يَتَّضِحُ رُبَّمَا لِحِمَايَةِ ٱلْغَلَّةِ ٱلثَّمِينَةِ مِنَ ٱللُّصُوصِ وَٱلنَّاهِبِينَ. وَعِنْدَمَا رَأَتْ رَاعُوثُ بُوعَزَ يَخْلُدُ إِلَى ٱلنَّوْمِ، عَرَفَتْ أَنَّ ٱلْوَقْتَ حَانَ لِتَنْفِيذِ خُطَّةِ نُعْمِي.
١٦ فَٱقْتَرَبَتْ مِنْهُ خُلْسَةً وَدَقَّاتُ قَلْبِهَا تَتَسَارَعُ. كَانَ وَاضِحًا أَنَّ ٱلرَّجُلَ مُسْتَغْرِقٌ فِي ٱلنَّوْمِ. فَكَشَفَتْ جِهَةَ قَدَمَيْهِ وَٱضْطَجَعَتْ عِنْدَهُمَا مِثْلَمَا أَوْصَتْهَا نُعْمِي، ثُمَّ رَاحَتْ تَنْتَظِرُ. مَرَّ ٱلْوَقْتُ بَطِيئًا حَتَّى خَالَتْهُ رَاعُوثُ دَهْرًا. وَأَخِيرًا نَحْوَ مُنْتَصَفِ ٱللَّيْلِ، بَدَأَ بُوعَزُ يَتَقَلَّبُ فِي نَوْمِهِ. ثُمَّ ٱسْتَيْقَظَ وَهُوَ يَرْتَعِشُ مِنَ ٱلْبَرْدِ. وَلَعَلَّهُ كَانَ يَهُمُّ بِتَغْطِيَةِ رِجْلَيْهِ حِينَ شَعَرَ بِوُجُودِ شَخْصٍ مَا. تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ: «اِلْتَفَتَ وَإِذَا بِٱمْرَأَةٍ مُضْطَجِعَةٍ عِنْدَ قَدَمَيْهِ!». — را ٣:٨.
١٧ أَيَّةُ حَقِيقَتَيْنِ مُهِمَّتَيْنِ يَتَجَاهَلُهُمَا ٱلَّذِينَ يَرَوْنَ إِيحَاءَاتٍ جِنْسِيَّةً فِي مَا فَعَلَتْهُ وَقَالَتْهُ رَاعُوثُ؟
را ٣:٩) يَرَى بَعْضُ ٱلْمُفَسِّرِينَ ٱلْعَصْرِيِّينَ أَنَّ مَا فَعَلَتْهُ وَقَالَتْهُ رَاعُوثُ يَحْمِلُ إِيحَاءَاتٍ جِنْسِيَّةً. لٰكِنَّهُمْ يَتَجَاهَلُونَ حَقِيقَتَيْنِ مُهِمَّتَيْنِ. أَوَّلًا، تَصَرَّفَتْ رَاعُوثُ ٱنْسِجَامًا مَعَ عَادَاتِ ذٰلِكَ ٱلزَّمَنِ، عَادَاتٍ نَسْتَغْرِبُ ٱلْكَثِيرَ مِنْهَا فِي أَيَّامِنَا هٰذِهِ. لِذَا مِنَ ٱلْخَطَإِ أَنْ نَنْظُرَ إِلَى تَصَرُّفِهَا نَظْرَةً تُشَوِّهُهَا ٱلْمَقَايِيسُ ٱلْأَدَبِيَّةُ ٱلْمُنْحَطَّةُ ٱلْيَوْمَ. وَثَانِيًا، تَجَاوَبَ بُوعَزُ بِطَرِيقَةٍ تُبَيِّنُ أَنَّهُ ٱعْتَبَرَ سُلُوكَهَا عَفِيفًا يَسْتَحِقُّ كُلَّ ثَنَاءٍ.
١٧ سَأَلَ بُوعَزُ: «مَنْ أَنْتِ؟». فَأَجَابَتْ رَاعُوثُ رُبَّمَا بِصَوْتٍ مُرْتَجِفٍ: «أَنَا رَاعُوثُ أَمَتُكَ، فَٱبْسُطْ ذَيْلَ ثَوْبِكَ عَلَى أَمَتِكَ، لِأَنَّكَ وَلِيٌّ». (١٨ كَيْفَ هَدَّأَ بُوعَزُ مِنْ رَوْعِ رَاعُوثَ، وَمَاذَا قَصَدَ حِينَ قَالَ إِنَّهَا صَنَعَتْ لُطْفًا حُبِّيًّا فِي «ٱلْأَوَّلِ» وَ «ٱلْأَخِيرِ»؟
١٨ قَالَ بُوعَزُ لِرَاعُوثَ بِنَغْمَةِ صَوْتٍ رَقِيقَةٍ هَدَّأَتْ رَوْعَهَا: «بَارَكَكِ يَهْوَهُ يَا ٱبْنَتِي! لِأَنَّ مَا صَنَعْتِهِ مِنْ لُطْفٍ حُبِّيٍّ فِي ٱلْأَخِيرِ خَيْرٌ مِنَ ٱلْأَوَّلِ، إِذْ لَمْ تَذْهَبِي وَرَاءَ ٱلشُّبَّانِ، فُقَرَاءَ كَانُوا أَوْ أَغْنِيَاءَ». (را ٣:١٠) فَفِي «ٱلْأَوَّلِ»، أَعْرَبَتْ رَاعُوثُ عَنْ مَحَبَّةٍ مَجْبُولَةٍ بِٱلْوَلَاءِ حِينَ رَجَعَتْ مَعَ نُعْمِي إِلَى إِسْرَائِيلَ وَٱهْتَمَّتْ بِهَا. وَفِي «ٱلْأَخِيرِ»، أَظْهَرَتْ لُطْفًا حُبِّيًّا بِٱسْتِعْدَادِهَا لِلزَّوَاجِ مِنْ رَجُلٍ مُسِنٍّ. لَقَدْ عَرَفَ بُوعَزُ أَنَّ شَابَّةً مِثْلَهَا سَتُفَكِّرُ دُونَ رَيْبٍ بِعَرِيسٍ شَابٍّ، فَقِيرًا كَانَ أَوْ غَنِيًّا. لٰكِنَّ رَاعُوثَ لَمْ تُرِدْ أَنْ تُحْسِنَ إِلَى نُعْمِي فَقَطْ بَلْ إِلَى حَمِيهَا ٱلْمَيِّتِ أَيْضًا، بِإِنْجَابِ وَرِيثٍ لَهُ يَحْمِلُ ٱسْمَهُ بَيْنَ أَهْلِ مَوْطِنِهِ. فَلَا عَجَبَ أَنَّ بُوعَزَ تَأَثَّرَ بِعَدَمِ أَنَانِيَّتِهَا.
١٩، ٢٠ (أ) لِمَاذَا لَمْ يَتَزَوَّجْ بُوعَزُ بِرَاعُوثَ عَلَى ٱلْفَوْرِ؟ (ب) كَيْفَ أَظْهَرَ بُوعَزُ لُطْفًا لِرَاعُوثَ وَمُرَاعَاةً لِسُمْعَتِهَا؟
١٩ أَرْدَفَ بُوعَزُ: «وَٱلْآنَ لَا تَخَافِي يَا ٱبْنَتِي. كُلُّ مَا تَقُولِينَ أَفْعَلُهُ لَكِ، لِأَنَّ كُلَّ ٱلشَّعْبِ فِي بَابِ ٱلْمَدِينَةِ يَعْلَمُ أَنَّكِ ٱمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ». (را ٣:١١) رَاقَتْ لِبُوعَزَ فِكْرَةُ ٱلزَّوَاجِ بِرَاعُوثَ، وَلَعَلَّهُ لَمْ يَتَفَاجَأْ كَثِيرًا حِينَ طَلَبَتْ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ وَلِيَّهَا. لٰكِنَّهُ كَانَ رَجُلًا بَارًّا، فَلَمْ يُعْطِ ٱلْأَوْلَوِيَّةَ لِأَهْوَائِهِ وَرَغَبَاتِهِ. فَقَدْ أَخْبَرَ رَاعُوثَ أَنَّ هُنَاكَ وَلِيًّا آخَرَ أَقْرَبَ مِنْهُ إِلَى عَائِلَةِ زَوْجِ نُعْمِي ٱلْمَيِّتِ، وَأَنَّهُ سَيَتَحَدَّثُ إِلَيْهِ أَوَّلًا بِشَأْنِ أَحَقِّيَّتِهِ فِي ٱلزَّوَاجِ بِهَا.
اِكْتَسَبَتْ رَاعُوثُ صِيتًا حَسَنًا لِأَنَّهَا عَامَلَتِ ٱلْآخَرِينَ بِلُطْفٍ وَٱحْتِرَامٍ
٢١ لِمَ عُرِفَتْ رَاعُوثُ بِأَنَّهَا «ٱمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ»، وَكَيْفَ نَقْتَدِي بِمِثَالِهَا؟
٢١ كَمْ شَعَرَتْ رَاعُوثُ بِٱلسَّعَادَةِ دُونَ شَكٍّ حِينَ ٱسْتَذْكَرَتْ كَلِمَاتِ بُوعَزَ أَنَّهَا «ٱمْرَأَةٌ فَاضِلَةٌ» بِشَهَادَةِ ٱلْجَمِيعِ! وَلَا شَكَّ أَنَّ سَعْيَهَا ٱلدَّؤُوبَ إِلَى ٱلتَّعَرُّفِ بِيَهْوَهَ وَخِدْمَتِهِ أَسْهَمَ إِلَى حَدٍّ بَعِيدٍ فِي ٱكْتِسَابِهَا هٰذَا ٱلصِّيتَ. هٰذَا عَدَا عَنْ أَنَّهَا أَظْهَرَتْ مَحَبَّةً شَدِيدَةً وَمُرَاعَاةً كَبِيرَةً لِنُعْمِي وَشَعْبِهَا، فَتَكَيَّفَتْ طَوْعًا مَعَ عَادَاتِهِمْ وَأَعْرَافِهِمِ ٱلَّتِي كَانَتْ حَتْمًا غَرِيبَةً عَنْهَا. فَإِذَا ٱقْتَدَيْنَا بِإِيمَانِ رَاعُوثَ، نُظْهِرُ نَحْنُ أَيْضًا ٱحْتِرَامًا عَمِيقًا لِلْآخَرِينَ وَلِعَادَاتِهِمْ وَتَقَالِيدِهِمْ. فَنَبْنِي صِيتًا حَسَنًا بَيْنَهُمْ وَنُعْرَفُ بِأَخْلَاقِنَا ٱلْفَاضِلَةِ.
رَاعُوثُ تَجِدُ مَكَانَ رَاحَةٍ
٢٢، ٢٣ (أ) عَلَامَ رُبَّمَا دَلَّتِ ٱلْهَدِيَّةُ ٱلَّتِي أَعْطَاهَا بُوعَزُ لِرَاعُوثَ؟ (اُنْظُرِ ٱلْحَاشِيَةَ.) (ب) بِمَاذَا نَصَحَتْ نُعْمِي كَنَّتَهَا؟
٢٢ سَأَلَتْ نُعْمِي لَدَى وُصُولِ رَاعُوثَ إِلَى ٱلْبَيْتِ: «مَنْ أَنْتِ يَا ٱبْنَتِي؟». يُحْتَمَلُ أَنَّ ٱلظُّلْمَةَ حَالَتْ دُونَ أَنْ تُمَيِّزَ نُعْمِي كَنَّتَهَا. لٰكِنَّهَا أَرَادَتْ أَيْضًا أَنْ تَسْتَعْلِمَ هَلْ عَادَتْ رَاعُوثُ أَدْرَاجَهَا أَرْمَلَةً غَيْرَ مُرْتَبِطَةٍ مِثْلَمَا ذَهَبَتْ، أَمْ إِنَّهَا ٱلْآنَ تَعْقِدُ ٱلْآمَالَ عَلَى زَوَاجٍ قَرِيبٍ. فَقَصَّتْ رَاعُوثُ عَلَى حَمَاتِهَا فَوْرًا كُلَّ مَا جَرَى بَيْنَهَا وَبَيْنَ بُوعَزَ، وَأَعْطَتْهَا ٱلشَّعِيرَ ٱلَّذِي أَرْسَلَهُ إِلَيْهَا هَدِيَّةً. * — را ٣:١٦، ١٧.
٢٣ عِنْدَئِذٍ، ٱرْتَأَتْ نُعْمِي أَلَّا تَتَّخِذَ رَاعُوثُ خُطْوَةً أُخْرَى وَنَصَحَتْهَا أَلَّا را ٣:١٨.
تَخْرُجَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ لِتَلْتَقِطَ فِي ٱلْحُقُولِ. وَأَكَّدَتْ لَهَا قَائِلَةً: «اَلرَّجُلُ لَنْ يَسْتَرِيحَ حَتَّى يُنْهِيَ ٱلْأَمْرَ ٱلْيَوْمَ». —٢٤، ٢٥ (أ) كَيْفَ بَرْهَنَ بُوعَزُ أَنَّهُ رَجُلٌ شَهْمٌ وَبَعِيدٌ كُلَّ ٱلْبُعْدِ عَنِ ٱلْأَنَانِيَّةِ؟ (ب) كَيْفَ بَارَكَ يَهْوَهُ رَاعُوثَ؟
٢٤ أَصَابَتْ نُعْمِي فِي رَأْيِهَا بِشَأْنِ بُوعَزَ. فَقَدْ صَعِدَ إِلَى بَابِ ٱلْمَدِينَةِ حَيْثُ يَجْتَمِعُ شُيُوخُهَا عَادَةً، وَٱنْتَظَرَ مُرُورَ ٱلْوَلِيِّ ٱلْأَقْرَبِ. ثُمَّ حَثَّهُ أَمَامَ شُهُودٍ أَنْ يَقُومَ بِدَوْرِهِ كَوَلِيٍّ وَيَتَزَوَّجَ رَاعُوثَ. إِلَّا أَنَّ ٱلرَّجُلَ رَفَضَ مُدَّعِيًا أَنَّ ذٰلِكَ يُفْسِدُ مِيرَاثَهُ. إِذَّاكَ، أَعْلَنَ بُوعَزُ أَمَامَ ٱلشُّهُودِ عِنْدَ بَابِ ٱلْمَدِينَةِ أَنَّهُ سَيَكُونُ ٱلْوَلِيَّ، فَيَشْتَرِي أَمْلَاكَ زَوْجِ نُعْمِي ٱلْمَيِّتِ، أَلِيمَالِكَ، وَيَتَزَوَّجُ بِرَاعُوثَ، أَرْمَلَةِ ٱبْنِهِ مَحْلُونَ، آمِلًا أَنْ ‹يُقِيمَ ٱسْمَ ٱلْمَيِّتِ عَلَى مِيرَاثِهِ›. (را ٤:١-١٠) وَهٰكَذَا بَرْهَنَ بُوعَزُ أَنَّهُ رَجُلٌ شَهْمٌ وَبَعِيدٌ كُلَّ ٱلْبُعْدِ عَنِ ٱلْأَنَانِيَّةِ.
٢٥ وَبَعْدَمَا تَزَوَّجَ بُوعَزُ بِرَاعُوثَ، «أَعْطَاهَا يَهْوَهُ حَبَلًا وَوَلَدَتِ ٱبْنًا» حَسْبَمَا يَذْكُرُ ٱلسِّجِلُّ. فَبَارَكَتْ نِسَاءُ بَيْتَ لَحْمَ نُعْمِيَ وَمَدَحْنَ رَاعُوثَ لِأَنَّهَا كَانَتْ لِحَمَاتِهَا خَيْرًا مِنْ سَبْعَةِ أَبْنَاءٍ. وَفِي وَقْتٍ لَاحِقٍ، أَصْبَحَ ٱبْنُ رَاعُوثَ أَحَدَ أَسْلَافِ ٱلْمَلِكِ ٱلْعَظِيمِ دَاوُدَ. (را ٤:١١-٢٢) وَدَاوُدُ بِدَوْرِهِ كَانَ سَلَفًا لِيَسُوعَ ٱلْمَسِيحِ. — مت ١:١. *
٢٦ أَيُّ ثِقَةٍ تَتَوَلَّدُ فِينَا حِينَ نَتَأَمَّلُ فِي حَيَاةِ رَاعُوثَ وَنُعْمِي؟
٢٦ لَقَدْ حَظِيَتْ رَاعُوثُ بِبَرَكَةِ يَهْوَهَ، وَكَذٰلِكَ نُعْمِي ٱلَّتِي لَعِبَتْ دَوْرًا فِي تَرْبِيَةِ ٱلْوَلَدِ كَمَا لَوْ أَنَّهُ مِنْ صُلْبِهَا. وَحَيَاةُ هَاتَيْنِ ٱلْمَرْأَتَيْنِ تَمْلَأُنَا ثِقَةً أَنَّ يَهْوَهَ ٱللهَ يَرَى كُلَّ ٱلَّذِينَ يَكْدَحُونَ فِي أَعْمَالٍ مُتَوَاضِعَةٍ لِإِعَالَةِ خَاصَّتِهِمْ وَيَخْدُمُونَهُ بِوَلَاءٍ بَيْنَ صُفُوفِ شَعْبِهِ. وَهُوَ يُكَافِئُ دُونَ شَكٍّ كُلَّ هٰؤُلَاءِ ٱلْأُمَنَاءِ أَمْثَالَ بُوعَزَ وَنُعْمِي وَرَاعُوثَ.
^ الفقرة 7 كَمَا ذَكَرَتْ نُعْمِي، لَا يَقْتَصِرُ لُطْفُ يَهْوَهَ عَلَى ٱلْأَحْيَاءِ، بَلْ يَشْمُلُ ٱلْأَمْوَاتَ أَيْضًا. فَنُعْمِي خَسِرَتْ زَوْجَهَا وَٱبْنَيْهَا، وَرَاعُوثُ فَقَدَتْ زَوْجَهَا. وَلَا بُدَّ أَنَّ ٱلرِّجَالَ ٱلثَّلَاثَةَ كَانُوا أَعِزَّاءَ جِدًّا عَلَى قَلْبِهِمَا كِلْتَيْهِمَا. لِذَا فَإِنَّ أَيَّ إِحْسَانٍ إِلَيْهِمَا كَانَ فِي ٱلْوَاقِعِ مَعْرُوفًا يُسْدَى إِلَى هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالِ ٱلَّذِينَ كَانَ سَيُسِرُّهُمْ أَنْ تَلْقَى نُعْمِي وَرَاعُوثُ ٱلْغَالِيَتَانِ كُلَّ رِعَايَةٍ وَٱهْتِمَامٍ.
^ الفقرة 11 إِنَّ حَقَّ ٱلزَّوَاجِ بِٱلْأَرْمَلَةِ أُعْطِيَ أَوَّلًا كَمَا يَتَّضِحُ لِإِخْوَةِ ٱلرَّجُلِ ٱلْمَيِّتِ ثُمَّ لِأَقْرِبَائِهِ ٱلْأَقْرَبِينَ، شَأْنُهُ فِي ذٰلِكَ شَأْنُ ٱلْحَقِّ فِي ٱلْمِيرَاثِ. — عد ٢٧:٥-١١.
^ الفقرة 22 أَعْطَى بُوعَزُ رَاعُوثَ سِتَّةَ أَكْيَالٍ وَزْنُهَا غَيْرُ مَعْرُوفٍ. وَرُبَّمَا دَلَّ ذٰلِكَ أَنَّهُ مِثْلَمَا تَنْتَهِي أَيَّامُ ٱلْعَمَلِ ٱلسِّتَّةُ بِسَبْتِ رَاحَةٍ، كَذٰلِكَ مَشَقَّةُ رَاعُوثَ كَأَرْمَلَةٍ كَانَتْ سَتَنْتَهِي قَرِيبًا ‹بِٱلرَّاحَةِ› ٱلَّتِي يُوَفِّرُهَا بَيْتٌ آمِنٌ وَزَوْجٌ مُحِبٌّ. مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، يُحْتَمَلُ أَنَّ ٱلْأَكْيَالَ ٱلسِّتَّةَ، رُبَّمَا مِلْءَ سِتَّةِ رُفُوشٍ مِنَ ٱلشَّعِيرِ، كَانَتْ كُلَّ مَا تَسْتَطِيعُ رَاعُوثُ حَمْلَهُ.
^ الفقرة 25 رَاعُوثُ وَاحِدَةٌ مِنْ خَمْسِ نِسْوَةٍ يَأْتِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَلَى ذِكْرِهِنَّ فِي سِلْسِلَةِ نَسَبِ يَسُوعَ. وَبَيْنَهُنَّ أَيْضًا رَاحَابُ ٱلَّتِي كَانَتْ أُمَّ بُوعَزَ. (مت ١:٣، ٥، ٦، ١٦) وَهِيَ ٱلْأُخْرَى لَمْ تَكُنْ إِسْرَائِيلِيَّةً.