الانتقال الى المحتويات

الانتقال إلى المحتويات

اَلْفَصْلُ ٱلْعِشْرُونَ

‏«انا آمنتُ»‏

‏«انا آمنتُ»‏

١ أَيَّةُ مَشَاعِرَ سَاوَرَتْ مَرْثَا،‏ وَلِمَاذَا؟‏

لَا تُفَارِقُ ٱلصُّورَةُ مُخَيِّلَةَ مَرْثَا.‏ فَأَخُوهَا ٱلْآنَ جَسَدٌ هَامِدٌ فِي مَغَارَةٍ مُظْلِمَةٍ أُغْلِقَ بَابُهَا بِحَجَرٍ كَبِيرٍ.‏ كَانَ ٱلْحُزْنُ يَعْتَصِرُ قَلْبَهَا.‏ إِنَّهَا لَا تُصَدِّقُ أَنَّ أَخَاهَا ٱلْحَبِيبَ لِعَازَرَ رَحَلَ عَنِ ٱلدُّنْيَا.‏ أَرْبَعَةُ أَيَّامٍ سَوْدَاءَ مَرَّتْ وَٱلدُّمُوعُ لَا تَجْمُدُ فِي عَيْنَيْهَا وَٱلْمُعَزُّونَ يَتَوَافَدُونَ لِمُؤَاسَاةِ عَائِلَتِهَا ٱلْمَفْجُوعَةِ.‏

٢،‏ ٣ ‏(‏أ)‏ أَيُّ أَثَرٍ رُبَّمَا تَرَكَتْهُ رُؤْيَةُ يَسُوعَ فِي مَرْثَا؟‏ (‏ب)‏ مَاذَا تُبَيِّنُ ٱلْعِبَارَةُ ٱلْمُهِمَّةُ ٱلَّتِي تَفَوَّهَتْ بِهَا مَرْثَا؟‏

٢ هَا هِيَ ٱلْآنَ تُلَاقِي يَسُوعَ،‏ ٱلرَّجُلَ ٱلْأَحَبَّ عَلَى قَلْبِ لِعَازَرَ،‏ خَارِجَ قَرْيَةِ بَيْتَ عَنْيَا ٱلْجَاثِمَةِ عَلَى سَفْحِ إِحْدَى ٱلتِّلَالِ.‏ لَا بُدَّ أَنَّ رُؤْيَتَهُ أَجَّجَتْ لَوْعَتَهَا وَحُرْقَةَ أَلَمِهَا.‏ فَمَا مِنْ أَحَدٍ سِوَاهُ عَلَى وَجْهِ ٱلْأَرْضِ كَانَ قَادِرًا عَلَى إِنْقَاذِ أَخِيهَا.‏ وَلٰكِنْ فِي ٱلْوَقْتِ نَفْسِهِ،‏ أَلْهَمَهَا يَسُوعُ شَيْئًا مِنَ ٱلصَّبْرِ وَٱلسُّلْوَانِ.‏ فَفِي تِلْكَ ٱللَّحَظَاتِ ٱلْقَلِيلَةِ،‏ خَفَّ وَجَعُهَا وَهِيَ تَرَى ٱللُّطْفَ فِي عَيْنَيْهِ وَتَلْمُسُ تَعَاطُفَهُ ٱلرَّقِيقَ ٱلَّذِي أَمَدَّهَا دَوْمًا بِٱلتَّشْجِيعِ.‏ وَمِنْ خِلَالِ حَدِيثِهِ مَعَهَا وَٱلسُّؤَالِ ٱلَّذِي طَرَحَهُ عَلَيْهَا ٱسْتَطَاعَتْ أَنْ تُرَكِّزَ عَلَى إِيمَانِهَا بِٱلْقِيَامَةِ.‏ فَٱنْدَفَعَتْ إِلَى ٱلتَّلَفُّظِ بِأَهَمِّ عِبَارَةٍ قَالَتْهَا فِي حَيَاتِهَا:‏ «أَنَا آمَنْتُ أَنَّكَ أَنْتَ ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللهِ،‏ ٱلْآتِي إِلَى ٱلْعَالَمِ».‏ —‏ يو ١١:‏٢٧‏.‏

٣ تُبَيِّنُ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتُ أَنَّ مَرْثَا تَحَلَّتْ بِإِيمَانٍ رَائِعٍ.‏ وَٱلْمَعْلُومَاتُ ٱلْقَلِيلَةُ عَنْهَا فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ تَمْنَحُنَا دُرُوسًا عَمِيقَةً تَعْمَلُ عَلَى تَرْسِيخِ إِيمَانِنَا.‏ وَلِنَعْرِفَ كَيْفَ ذٰلِكَ،‏ سَنَتَأَمَّلُ ٱلْآنَ فِي أَوَّلِ رِوَايَةٍ عَنْهَا فِي ٱلْأَنَاجِيلِ.‏

‏‹تَحْمِلُ هَمًّا وَتَضْطَرِبُ›‏

٤ مِمَّنْ تَأَلَّفَتْ عَائِلَةُ مَرْثَا،‏ وَأَيُّ عَلَاقَةٍ جَمَعَتْهُمْ بِيَسُوعَ؟‏

٤ مُنْذُ أَشْهُرٍ فَقَطْ،‏ كَانَ لِعَازَرُ فِي تَمَامِ صِحَّتِهِ وَعَافِيَتِهِ وَيَتَهَيَّأُ هُوَ وَأُخْتَاهُ مَرْثَا وَمَرْيَمُ لِيَسْتَقْبِلُوا فِي مَنْزِلِهِمِ ٱلْكَائِنِ فِي بَيْتَ عَنْيَا أَهَمَّ ٱلضُّيُوفِ قَاطِبَةً،‏ يَسُوعَ ٱلْمَسِيحَ.‏ وَعَلَى حَدِّ ظَنِّ بَعْضِ ٱلْبَاحِثِينَ،‏ كَانَتْ مَرْثَا ٱلْكُبْرَى فِي ٱلْعَائِلَةِ لِأَنَّهَا هِيَ ٱلَّتِي تَقُومُ بِوَاجِبَاتِ ٱلضِّيَافَةِ كَمَا يَبْدُو،‏ وَهِيَ أَحْيَانًا مَنْ يُؤْتَى عَلَى ذِكْرِهَا أَوَّلًا.‏ (‏يو ١١:‏٥‏)‏ وَهَلْ تَزَوَّجَ أَحَدُ هٰؤُلَاءِ ٱلثَّلَاثَةِ يَوْمًا مَا؟‏ لَا نَعْرِفُ ٱلْجَوَابَ.‏ عَلَى أَيَّةِ حَالٍ،‏ جَمَعَتْ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ يَسُوعَ صَدَاقَةٌ حَمِيمَةٌ.‏ فَخِلَالَ خِدْمَتِهِ فِي ٱلْيَهُودِيَّةِ،‏ حَيْثُ لَاقَى ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْمُقَاوَمَةِ وَٱلْعِدَاءِ،‏ ٱتَّخَذَ مِنْ بَيْتِهِمْ مَحَطَّةً لَهُ.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ قَدَّرَ حَقَّ ٱلتَّقْدِيرِ هٰذَا ٱلْمَلَاذَ ٱلَّذِي وَفَّرَ لَهُ ٱلسَّلَامَ وَٱلدَّعْمَ.‏

٥،‏ ٦ ‏(‏أ)‏ لِمَ كَانَتْ مَرْثَا مُنْشَغِلَةً جِدًّا بِزِيَارَةِ يَسُوعَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ ٱسْتَغَلَّتْ مَرْيَمُ فُرْصَةَ وُجُودِ يَسُوعَ فِي بَيْتِ ٱلْعَائِلَةِ؟‏

٥ اِعْتَادَتْ مَرْثَا أَنْ تَبْذُلَ جُهْدًا كَبِيرًا فِي ٱلِٱعْتِنَاءِ بِٱلْمَنْزِلِ وَٱلِٱهْتِمَامِ بِرَاحَةِ ٱلضُّيُوفِ.‏ فَهِيَ كَمَا يَظْهَرُ ٱمْرَأَةٌ مُجْتَهِدَةٌ لَا تَهْدَأُ وَلَا تَفْتُرُ،‏ وَلَدَيْهَا فِي ٱلْغَالِبِ ٱنْشِغَالَاتٌ كَثِيرَةٌ.‏ وَلَمْ تُغَيِّرْ عَادَتَهَا هٰذِهِ عِنْدَمَا زَارَهُمْ يَسُوعُ.‏ فَسُرْعَانَ مَا خَطَّطَتْ لِإِعْدَادِ وَجْبَةٍ خُصُوصِيَّةٍ مُتَنَوِّعَةِ ٱلْأَطْبَاقِ ٱحْتِفَاءً بِضَيْفِهَا ٱلْمُمَيَّزِ وَبِمُرَافِقِيهِ إِنْ وُجِدُوا مَعَهُ.‏ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ،‏ ٱعْتُبِرَتِ ٱلضِّيَافَةُ عَلَى جَانِبٍ كَبِيرٍ مِنَ ٱلْأَهَمِّيَّةِ.‏ فَكَانَ إِذَا مَا وَصَلَ ٱلضَّيْفُ يَسْتَقْبِلُهُ ٱلْمُضِيفُ بِقُبْلَةٍ،‏ يَنْزِعُ نَعْلَيْهِ وَيَغْسِلُ رِجْلَيْهِ،‏ ثُمَّ يَدْهُنُ رَأْسَهُ بِزَيْتٍ عَطِرٍ مُنْعِشٍ.‏ ‏(‏اقرأ لوقا ٧:‏​٤٤-‏٤٧‏.‏‏)‏ وَكَانَ يَحْرِصُ أَشَدَّ ٱلْحِرْصِ أَنْ يُؤَمِّنَ لَهُ طَعَامًا جَيِّدًا وَمَنَامَةً مُرِيحَةً.‏

٦ مِنْ هُنَا،‏ وَجَبَ عَلَى مَرْثَا وَمَرْيَمَ إِنْجَازُ مَهَامَّ كَثِيرَةٍ ٱسْتِقْبَالًا لِضَيْفِهِمْ.‏ وَلَا شَكَّ أَنَّ مَرْيَمَ،‏ ٱلَّتِي يَظُنُّ ٱلْبَعْضُ أَنَّهَا مُرْهَفَةُ ٱلْإِحْسَاسِ وَأَكْثَرُ مَيْلًا إِلَى ٱلتَّأَمُّلِ،‏ مَدَّتْ يَدَ ٱلْمُسَاعَدَةِ إِلَى أُخْتِهَا فِي ٱلْبِدَايَةِ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْوَضْعَ تَبَدَّلَ بَعْدَ وُصُولِ يَسُوعَ ٱلَّذِي ٱغْتَنَمَ هٰذِهِ ٱلْمُنَاسَبَةَ لِتَعْلِيمِ ٱلْحَاضِرِينَ.‏ فَبِخِلَافِ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ فِي أَيَّامِهِ،‏ أَكَنَّ يَسُوعُ لِلنِّسَاءِ كُلَّ ٱحْتِرَامٍ وَلَمْ يَتَرَدَّدْ فِي تَعْلِيمِهِنَّ عَنْ مَلَكُوتِ ٱللهِ،‏ مِحْوَرِ خِدْمَتِهِ.‏ وَقَدْ فَرِحَتْ مَرْيَمُ بِهٰذِهِ ٱلْفُرْصَةِ،‏ فَجَلَسَتْ عِنْدَ قَدَمَيْهِ تُصْغِي بِٱنْتِبَاهٍ إِلَى كُلِّ كَلِمَةٍ يَقُولُهَا.‏

٧،‏ ٨ لِمَ شَعَرَتْ مَرْثَا بَٱلتَّوَتُّرِ،‏ وَكَيْفَ عَبَّرَتْ عَنْهُ أَخِيرًا؟‏

٧ وَمَاذَا عَنْ مَرْثَا؟‏ لَا يَسَعُنَا إِلَّا أَنْ نَتَخَيَّلَهَا مُتَوَتِّرَةً.‏ فَعَلَيْهَا تَجْهِيزُ أَطْبَاقٍ عَدِيدَةٍ وَإِتْمَامُ وَاجِبَاتٍ كَثِيرَةٍ تِجَاهَ ٱلضُّيُوفِ.‏ وَوَسْطَ زَحْمَةِ هٰذِهِ ٱلتَّحْضِيرَاتِ،‏ رَاحَتْ حِدَّةُ قَلَقِهَا وَتَوَتُّرِهَا تَزْدَادُ.‏ فَهِيَ تَرُوحُ وَتَجِيءُ مُنْهَمِكَةً فِي عَمَلِهَا فِيمَا أُخْتُهَا جَالِسَةٌ لَا تُحَرِّكُ سَاكِنًا.‏ فَهَلِ ٱحْمَرَّتِ ٱنْفِعَالًا،‏ أَوْ تَنَهَّدَتْ بِصَوْتٍ مُرْتَفِعٍ،‏ أَوْ قَطَّبَتْ حَاجِبَيْهَا؟‏ لَيْسَ هٰذَا مُسْتَبْعَدًا،‏ فَيَسْتَحِيلُ أَنْ تُنْهِيَ كُلَّ ٱلْعَمَلِ بِمُفْرَدِهَا.‏

٨ أَخِيرًا،‏ لَمْ يَعُدْ فِي وِسْعِهَا أَنْ تَكْبِتَ ٱنْزِعَاجَهَا.‏ فَقَاطَعَتْ يَسُوعَ قَائِلَةً مِنْ غَيْرِ تَرَوٍّ:‏ «يَا رَبُّ،‏ أَمَا تُبَالِي بِأَنَّ أُخْتِي قَدْ تَرَكَتْنِي أَخْدُمُ وَحْدِي؟‏ فَقُلْ لَهَا أَنْ تُسَاعِدَنِي».‏ (‏لو ١٠:‏٤٠‏)‏ بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ ٱلْقَوِيَّةِ،‏ طَلَبَتْ مِنْ يَسُوعَ أَنْ يُوَبِّخَ أُخْتَهَا وَيَطْلُبَ مِنْهَا أَنْ تُعَاوِدَ مُسَاعَدَتَهَا.‏

٩،‏ ١٠ ‏(‏أ)‏ بِمَ أَجَابَ يَسُوعُ مَرْثَا؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ نَعْرِفُ أَنَّ يَسُوعَ لَمْ يَسْتَخِفَّ بِجُهُودِ مَرْثَا؟‏

٩ رَدَّ يَسُوعُ عَلَى مَرْثَا بِجَوَابٍ رُبَّمَا فَاجَأَهَا وَيُفَاجِئُ ٱلْعَدِيدَ مِنْ قُرَّاءِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ.‏ قَالَ لَهَا بِلُطْفٍ:‏ «مَرْثَا،‏ مَرْثَا،‏ أَنْتِ تَحْمِلِينَ هَمًّا وَتَضْطَرِبِينَ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ.‏ وَإِنَّمَا ٱلْحَاجَةُ إِلَى قَلِيلٍ،‏ أَوْ إِلَى وَاحِدٍ.‏ فَمَرْيَمُ ٱخْتَارَتِ ٱلنَّصِيبَ ٱلصَّالِحَ،‏ وَلَنْ يُنْزَعَ مِنْهَا».‏ (‏لو ١٠:‏​٤١،‏ ٤٢‏)‏ فَمَاذَا عَنَى بِذٰلِكَ؟‏ هَلْ قَصَدَ أَنَّهَا ٱمْرَأَةٌ مَادِّيَّةٌ؟‏ وَهَلِ ٱسْتَخَفَّ بِجُهُودِهَا ٱلدَّؤَوبَةِ فِي إِعْدَادِ وَجْبَةٍ لَذِيذَةٍ؟‏

رَغْمَ أَنَّ مَرْثَا ‹حَمَلَتْ هَمًّا وَٱضْطَرَبَتْ› بِشَأْنِ أُمُورٍ كَثِيرَةٍ،‏ فَقَدْ قَبِلَتِ ٱلتَّقْوِيمَ بِتَوَاضُعٍ

١٠ كَلَّا.‏ فَيَسُوعُ رَأَى بِوُضُوحٍ نَوَايَاهَا ٱلصَّافِيَةَ وَمَحَبَّتَهَا ٱلْخَالِصَةَ.‏ وَهُوَ أَيْضًا لَمْ يَعْتَبِرْ كَرَمَ ٱلضِّيَافَةِ أَمْرًا خَاطِئًا.‏ فَقَدْ حَضَرَ بِكُلِّ سُرُورٍ «وَلِيمَةَ ٱسْتِقْبَالٍ كَبِيرَةً» أَقَامَهَا لَهُ مَتَّى فِي وَقْتٍ سَابِقٍ.‏ (‏لو ٥:‏٢٩‏)‏ إِذًا،‏ لَمْ تَكُنِ ٱلْوَجْبَةُ ٱلَّتِي أَعَدَّتْهَا مَرْثَا هِيَ ٱلْمُشْكِلَةَ،‏ بَلْ وَضْعُ ٱلْأَوْلَوِيَّاتِ بِٱلتَّرْتِيبِ ٱلصَّحِيحِ.‏ فَهِيَ صَبَّتْ كُلَّ تَرْكِيزِهَا وَٱهْتِمَامِهَا عَلَى إِعْدَادِ مَائِدَةٍ مُتْقَنَةٍ بِحَيْثُ غَابَ عَنْ بَالِهَا ٱلْأَمْرُ ٱلْأَهَمُّ.‏ وَمَا هُوَ؟‏

قَدَّرَ يَسُوعُ ضِيَافَةَ مَرْثَا وَرَأَى نَوَايَاهَا ٱلصَّافِيَةَ وَمَحَبَّتَهَا ٱلْخَالِصَةَ

١١،‏ ١٢ كَيْفَ قَوَّمَ يَسُوعُ تَفْكِيرَ مَرْثَا بِلُطْفٍ؟‏

١١ إِنَّ يَسُوعَ،‏ ٱبْنَ يَهْوَهَ ٱللهِ ٱلْوَحِيدَ،‏ كَانَ مَوْجُودًا فِي بَيْتِ مَرْثَا يُعَلِّمُ ٱلْحَقَّ.‏ وَمَا مِنْ شَيْءٍ يُضَاهِي ذٰلِكَ أَهَمِّيَّةً،‏ حَتَّى ٱلطَّعَامُ ٱللَّذِيذُ وَٱلِٱسْتِعْدَادَاتُ وَٱلتَّحْضِيرَاتُ ٱلَّتِي قَامَتْ بِهَا.‏ لَقَدْ حَزِنَ يَسُوعُ دُونَ شَكٍّ لِأَنَّهَا فَوَّتَتْ عَلَى نَفْسِهَا ٱلْفُرْصَةَ ٱلْفَرِيدَةَ لِتُعَمِّقَ إِيمَانَهَا،‏ إِلَّا أَنَّهُ تَرَكَ لَهَا حُرِّيَّةَ ٱلِٱخْتِيَارِ.‏ * فَمِنْ حَقِّهَا أَنْ تُقَرِّرَ مَا تُرِيدُ،‏ وَلٰكِنْ لَيْسَ مِنْ حَقِّهَا أَنْ تُقَرِّرَ أَوْلَوِيَّاتِ مَرْيَمَ وَتَطْلُبَ مِنْ يَسُوعَ أَنْ يَدْعَمَهَا فِي رَأْيِهَا.‏

١٢ لِذٰلِكَ قَوَّمَ تَفْكِيرَهَا بِرِقَّةٍ،‏ مُكَرِّرًا ٱسْمَهَا بَلُطْفٍ كَيْ يُهَدِّئَ أَعْصَابَهَا ٱلْمَشْدُودَةَ.‏ وَطَمْأَنَهَا قَائِلًا أَنْ لَا لُزُومَ ‹لِتَحْمِلَ هَمًّا وَتَضْطَرِبَ فِي أُمُورٍ كَثِيرَةٍ›.‏ فَوَجْبَةٌ بَسِيطَةٌ مِنْ طَبَقٍ أَوِ ٱثْنَيْنِ كَافِيَةٌ،‏ وَلَا سِيَّمَا بِوُجُودِ وَلِيمَةٍ رُوحِيَّةٍ.‏ لِذَا كَانَ مِنَ ٱلْمُسْتَحِيلِ أَنْ يَحْرِمَ مَرْيَمَ «ٱلنَّصِيبَ ٱلصَّالِحَ» ٱلَّذِي ٱخْتَارَتْهُ،‏ أَلَا وَهُوَ ٱلِٱسْتِمَاعُ إِلَى تَعَالِيمِهِ.‏

١٣ أَيَّةُ عِبَرٍ نَسْتَخْلِصُهَا مِمَّا قَالَهُ يَسُوعُ لِمَرْثَا؟‏

١٣ إِنَّ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةَ عَلَى بَسَاطَتِهَا زَاخِرَةٌ بِٱلْعِبَرِ لِأَتْبَاعِ ٱلْمَسِيحِ ٱلْيَوْمَ.‏ فَمَا مِنْ شَيْءٍ يَنْبَغِي أَنْ يَحُولَ دُونَ إِشْبَاعِ ‹حَاجَتِنَا ٱلرُّوحِيَّةِ›.‏ (‏مت ٥:‏٣‏)‏ صَحِيحٌ أَنَّنَا نَرْغَبُ فِي ٱلِٱقْتِدَاءِ بِكَرَمِ مَرْثَا وَٱجْتِهَادِهَا،‏ لٰكِنَّنَا لَا نَرْغَبُ أَبَدًا أَنْ ‹نَحْمِلَ هَمًّا وَنَضْطَرِبَ› بِشَأْنِ ٱلْجَوَانِبِ ٱلثَّانَوِيَّةِ لِمَسْأَلَةِ ٱلضِّيَافَةِ بِحَيْثُ نَغْفُلُ عَمَّا هُوَ أَهَمُّ.‏ فَٱلْهَدَفُ ٱلرَّئِيسِيُّ مِنْ مُعَاشَرَةِ رُفَقَائِنَا ٱلْمُؤْمِنِينَ هُوَ تَبَادُلُ ٱلتَّشْجِيعِ وَٱلْعَطَايَا ٱلرُّوحِيَّةِ،‏ لَا إِعْدَادُ أَوْ تَنَاوُلُ ٱلطَّعَامِ ٱلْفَاخِرِ.‏ ‏(‏اقرأ روما ١:‏​١١،‏ ١٢‏.‏‏)‏ فَفِي مُنَاسَبَاتٍ بَنَّاءَةٍ رُوحِيًّا كَهٰذِهِ،‏ تَفِي بِٱلْغَرَضِ وَجْبَةٌ بَسِيطَةٌ لَا غَيْرُ.‏

مَوْتٌ فَعَوْدَةٌ إِلَى ٱلْحَيَاةِ

١٤ لِمَ نَحْنُ وَاثِقُونَ أَنَّ مَرْثَا رَسَمَتْ مِثَالًا جَيِّدًا فِي قُبُولِ ٱلتَّقْوِيمِ؟‏

١٤ هَلْ قَبِلَتْ مَرْثَا تَوْبِيخَ يَسُوعَ ٱللَّطِيفَ وَتَعَلَّمَتْ مِنْهُ؟‏ نَعَمْ بِكُلِّ تَأْكِيدٍ.‏ فَٱلرَّسُولُ يُوحَنَّا يَذْكُرُ فِي ٱلرِّوَايَةِ ٱلْمُشَوِّقَةِ ٱلَّتِي تَتَحَدَّثُ عَنْ أَخِيهَا:‏ «كَانَ يَسُوعُ يُحِبُّ مَرْثَا وَأُخْتَهَا وَلِعَازَرَ».‏ (‏يو ١١:‏٥‏)‏ لَقَدْ مَضَتْ أَشْهُرٌ عَلَى زِيَارَةِ يَسُوعَ ٱلْمَذْكُورَةِ آنِفًا لِبَيْتَ عَنْيَا.‏ فَمِنَ ٱلْوَاضِحِ أَنَّ مَرْثَا لَمْ تَكُنْ مُمْتَعِضَةً مِنْ يَسُوعَ وَلَمْ تُضْمِرْ لَهُ أَيَّ ضَغِينَةٍ رَدًّا عَلَى مَشُورَتِهِ ٱلْحُبِّيَّةِ،‏ بَلْ قَبِلَتْهَا وَأَخَذَتْهَا عَلَى مَأْخَذِ ٱلْجِدِّ.‏ وَهٰكَذَا رَسَمَتْ لَنَا مِثَالًا رَائِعًا لِلْإِيمَانِ فِي هٰذِهِ ٱلْمَسْأَلَةِ أَيْضًا.‏ فَمَنْ مِنَّا لَا يَحْتَاجُ إِلَى ٱلتَّقْوِيمِ مِنْ حِينٍ إِلَى آخَرَ؟‏

١٥،‏ ١٦ ‏(‏أ)‏ مَاذَا فَعَلَتْ مَرْثَا حِينَ أَلَمَّ ٱلْمَرَضُ بِأَخِيهَا؟‏ (‏ب)‏ لِمَ ذَهَبَتْ آمَالُ مَرْثَا وَمَرْيَمَ أَدْرَاجَ ٱلرِّيَاحِ؟‏

١٥ حِينَ أَلَمَّ ٱلْمَرَضُ بِلِعَازَرَ،‏ قَامَتْ مَرْثَا عَلَى خِدْمَتِهِ لَيْلَ نَهَارَ.‏ فَلَمْ تُوَفِّرْ أَيَّ جُهْدٍ لِتُخَفِّفَ مِنْ أَوْجَاعِهِ وَتُسَاعِدَهُ عَلَى ٱلشِّفَاءِ.‏ غَيْرَ أَنَّ ٱلْمَرَضَ أَثْقَلَهُ أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ.‏ فَكَانَتِ ٱلسَّاعَاتُ تَمُرُّ وَأُخْتَاهُ إِلَى جَانِبِهِ تُحِيطَانِهِ بِٱلرِّعَايَةِ وَٱلْحَنَانِ.‏ كَمْ مِنْ مَرَّةٍ حَدَّقَتْ مَرْثَا إِلَى وَجْهِ أَخِيهَا ٱلشَّاحِبِ تَسْتَعِيدُ ذِكْرَى سَنَوَاتِهِمَا ٱلْحُلْوَةِ مَعًا وَٱلْأَفْرَاحَ وَٱلْأَتْرَاحَ ٱلَّتِي تَقَاسَمَاهَا.‏

١٦ لٰكِنَّ لِعَازَرَ رَاحَ يَنْطَفِئُ شَيْئًا فَشَيْئًا أَمَامَ أَعْيُنِ أُخْتَيْهِ،‏ فَأَرْسَلَتَا تَقُولَانِ لِيَسُوعَ ٱلَّذِي كَانَ يَكْرِزُ فِي مِنْطَقَةٍ تَبْعُدُ عَنْهُمَا سَفَرَ يَوْمَيْنِ تَقْرِيبًا:‏ «يَا رَبُّ،‏ هَا إِنَّ ٱلَّذِي تُكِنُّ لَهُ مَوَدَّةً مَرِيضٌ».‏ (‏يو ١١:‏​١،‏ ٣‏)‏ كَانَتْ مَرْثَا وَمَرْيَمُ عَلَى يَقِينٍ أَنَّ يَسُوعَ يُحِبُّ أَخَاهُمَا وَسَيَبْذُلُ أَقْصَى مَا فِي وِسْعِهِ لِمُسَاعَدَةِ صَدِيقِهِ.‏ فَهَلْ عَلَّقَتَا ٱلْأَمَلَ عَلَى وُصُولِهِ قَبْلَ فَوَاتِ ٱلْأَوَانِ؟‏ فِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ،‏ ذَهَبَتْ آمَالُهُمَا أَدْرَاجَ ٱلرِّيَاحِ،‏ فَلِعَازَرُ فَارَقَ ٱلْحَيَاةَ.‏

١٧ مَاذَا حَيَّرَ مَرْثَا،‏ وَكَيْفَ تَصَرَّفَتْ حِينَ سَمِعَتْ أَنَّ يَسُوعَ يَقْتَرِبُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ؟‏

١٧ نَاحَتْ مَرْثَا وَمَرْيَمُ عَلَى أَخِيهِمَا ٱلْغَالِي،‏ وَأَخَذَتَا تَهْتَمَّانِ بِتَرْتِيبَاتِ ٱلدَّفْنِ وَٱسْتِقْبَالِ وُفُودِ ٱلْمُعَزِّينَ ٱلْقَادِمِينَ مِنْ بَيْتَ عَنْيَا وَجِوَارِهَا.‏ أَمَّا يَسُوعُ فَلَمْ يَكُنْ قَدْ أَطَلَّ بَعْدُ.‏ وَلَعَلَّ مَرْثَا ٱزْدَادَتْ حَيْرَةً وَٱنْدِهَاشًا كُلَّمَا مَضَى ٱلْوَقْتُ.‏ أَخِيرًا،‏ بَعْدَ مُرُورِ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ عَلَى مَوْتِ لِعَازَرَ،‏ سَمِعَتْ أَنَّ يَسُوعَ يَقْتَرِبُ مِنَ ٱلْقَرْيَةِ.‏ فَمَا كَانَ مِنْهَا،‏ هِيَ ٱلْمَرْأَةُ ٱلْمُنْدَفِعَةُ وَٱلنَّشِيطَةُ حَتَّى فِي هٰذَا ٱلظَّرْفِ ٱلْأَلِيمِ،‏ إِلَّا أَنْ سَارَعَتْ إِلَى مُلَاقَاتِهِ دُونَ أَنْ تُخْبِرَ مَرْيَمَ.‏ —‏ اقرأ يوحنا ١١:‏​١٨-‏٢٠‏.‏

١٨،‏ ١٩ مَاذَا يَدُلُّ أَنَّ مَرْثَا لَمْ تَفْقِدِ ٱلرَّجَاءَ،‏ وَلِمَ كَانَ إِيمَانُهَا لَافِتًا؟‏

١٨ مَا إِنْ رَأَتْ مَرْثَا يَسُوعَ حَتَّى أَفْصَحَتْ عَمَّا عَذَّبَهَا هِيَ وَمَرْيَمَ طَوَالَ أَيَّامٍ،‏ قَائِلَةً:‏ «يَا رَبُّ،‏ لَوْ كُنْتَ هُنَا،‏ لَمَا مَاتَ أَخِي».‏ إِلَّا أَنَّهَا لَمْ تَفْقِدِ ٱلرَّجَاءَ وَٱلْإِيمَانَ.‏ فَقَدْ أَضَافَتْ:‏ «لٰكِنِّي أَعْلَمُ ٱلْآنَ أَيْضًا أَنَّكَ مَهْمَا تَطْلُبْ مِنَ ٱللهِ،‏ فَٱللهُ يُعْطِيكَ».‏ إِذَّاكَ،‏ شَدَّدَ يَسُوعُ إِيمَانَهَا مُؤَكِّدًا:‏ «سَيَقُومُ أَخُوكِ».‏ —‏ يو ١١:‏​٢١-‏٢٣‏.‏

١٩ ظَنَّتْ مَرْثَا أَنَّهُ يَتَحَدَّثُ عَنِ ٱلْقِيَامَةِ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ،‏ فَأَجَابَتْ:‏ «أَنَا أَعْلَمُ أَنَّهُ سَيَقُومُ فِي ٱلْقِيَامَةِ فِي ٱلْيَوْمِ ٱلْأَخِيرِ».‏ (‏يو ١١:‏٢٤‏)‏ بِهٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ،‏ أَعْرَبَتْ عَنْ إِيمَانٍ لَافِتٍ بِٱلْقِيَامَةِ.‏ فَبَعْضُ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ ٱلْيَهُودِ ٱلْمَعْرُوفِينَ بِٱلصَّدُّوقِيِّينَ أَنْكَرُوا ٱلْقِيَامَةَ رَغْمَ أَنَّهَا عَقِيدَةٌ وَاضِحَةٌ فِي ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ ٱلْمُوحَى بِهَا.‏ (‏دا ١٢:‏١٣؛‏ مر ١٢:‏١٨‏)‏ أَمَّا مَرْثَا فَكَانَتْ تَعْرِفُ أَنَّ يَسُوعَ عَلَّمَ عَنْ هٰذَا ٱلرَّجَاءِ،‏ حَتَّى إِنَّهُ أَقَامَ شَخْصَيْنِ مِنَ ٱلْمَوْتِ.‏ لٰكِنَّ أَحَدًا مِنْهُمَا لَمْ يَكُنْ قَدْ رَقَدَ فَتْرَةً طَوِيلَةً مِثْلَ لِعَازَرَ.‏ فَمَاذَا كَانَ سَيَحْدُثُ؟‏

٢٠ مَا مَعْنَى عِبَارَةِ يَسُوعَ ٱلشَّهِيرَةِ ٱلْمُدَوَّنَةِ فِي يُوحَنَّا ١١:‏​٢٥-‏٢٧‏،‏ وَعَلَامَ دَلَّ رَدُّ مَرْثَا؟‏

٢٠ تَفَوَّهَ يَسُوعُ بِعِبَارَةٍ لَا تُنْسَى قَائِلًا لِمَرْثَا:‏ «أَنَا ٱلْقِيَامَةُ وَٱلْحَيَاةُ».‏ حَقًّا،‏ مَنَحَ يَهْوَهُ ٱللهُ ٱبْنَهُ ٱلسُّلْطَةَ أَنْ يُقِيمَ ٱلْأَمْوَاتَ عَلَى نِطَاقٍ عَالَمِيٍّ فِي ٱلْمُسْتَقْبَلِ.‏ لِذَا حِينَ سَأَلَ يَسُوعُ مَرْثَا:‏ «أَتُؤْمِنِينَ بِهٰذَا؟‏»،‏ أَجَابَتْهُ بِٱلْكَلِمَاتِ ٱلَّتِي وَرَدَتْ فِي مُسْتَهَلِّ ٱلْفَصْلِ.‏ فَقَدْ آمَنَتْ أَنَّهُ ٱلْمَسِيحُ،‏ أَوِ ٱلْمَسِيَّا،‏ ٱبْنُ يَهْوَهَ ٱللهِ ٱلَّذِي تَنَبَّأَ ٱلْأَنْبِيَاءُ بِمَجِيئِهِ إِلَى ٱلْعَالَمِ.‏ —‏ يو ٥:‏​٢٨،‏ ٢٩‏؛‏ اقرأ يوحنا ١١:‏​٢٥-‏٢٧‏.‏

٢١،‏ ٢٢ ‏(‏أ)‏ كَيْفَ بَيَّنَ يَسُوعُ أَنَّهُ يَشْعُرُ بِأَلَمِ ٱلْمَفْجُوعِينَ؟‏ (‏ب)‏ كَيْفَ نَتَخَيَّلُ قِيَامَةَ لِعَازَرَ؟‏

٢١ هَلْ يُقَدِّرُ يَهْوَهُ ٱللهُ وَٱبْنُهُ يَسُوعُ ٱلْمَسِيحُ إِيمَانًا كَهٰذَا؟‏ يَأْتِي ٱلْجَوَابُ وَاضِحًا مَعَ ٱلْأَحْدَاثِ ٱلَّتِي تَبَلْوَرَتْ لَاحِقًا أَمَامَ عَيْنَيْ مَرْثَا.‏ فَقَدْ أَسْرَعَتْ وَأَحْضَرَتْ أُخْتَهَا مَرْيَمَ.‏ وَفِيمَا رَاحَ يَسُوعُ يَتَحَدَّثُ إِلَى مَرْيَمَ ٱلْمَحْزُونَةِ وَٱلنَّائِحِينَ ٱلَّذِينَ رَافَقُوهَا،‏ رَأَتْهُ مَرْثَا مَغْمُومًا وَمُنْقَبِضَ ٱلصَّدْرِ.‏ وَلَمْ يُحَاوِلْ أَنْ يُخْفِيَ حُزْنَهُ،‏ بَلْ ذَرَفَ ٱلدُّمُوعَ شَاعِرًا بِٱلْأَلَمِ ٱلْعَمِيقِ ٱلَّذِي يُفَتِّتُ قُلُوبَ ٱلْمَفْجُوعِينَ.‏ ثُمَّ سَمِعَتْهُ يَطْلُبُ أَنْ يُرْفَعَ ٱلْحَجَرُ عَنْ قَبْرِ أَخِيهَا.‏ —‏ يو ١١:‏​٢٨-‏٣٩‏.‏

٢٢ لٰكِنَّهَا،‏ بِطَبْعِهَا ٱلْمَعْهُودِ،‏ ٱعْتَرَضَتْ قَائِلَةً إِنَّ جَسَدَ أَخِيهَا قَدْ أَنْتَنَ لِأَنَّ لَهُ أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ.‏ فَذَكَّرَهَا يَسُوعُ:‏ «أَلَمْ أَقُلْ لَكِ إِنَّكِ إِنْ آمَنْتِ تَرَيْنَ مَجْدَ ٱللهِ؟‏».‏ لَقَدْ آمَنَتْ مَرْثَا وَرَأَتْ مَجْدَ يَهْوَهَ ٱللهِ بِٱلْفِعْلِ.‏ فَهُنَاكَ أَمَامَ نَاظِرَيْهَا،‏ مَنَحَ يَهْوَهُ ٱبْنَهُ ٱلْقُدْرَةَ عَلَى إِعَادَةِ لِعَازَرَ إِلَى ٱلْحَيَاةِ.‏ فَكِّرْ فِي تِلْكَ ٱللَّحَظَاتِ ٱلَّتِي لَا شَكَّ أَنَّهَا ٱنْحَفَرَتْ فِي ذَاكِرَةِ مَرْثَا حَتَّى آخِرِ يَوْمٍ مِنْ حَيَاتِهَا.‏ فَهِيَ لَنْ تَنْسَى صَرْخَةَ يَسُوعَ:‏ «لِعَازَرُ،‏ هَلُمَّ خَارِجًا!‏»،‏ يَلِيهَا ٱلصَّوْتُ ٱلْخَافِتُ دَاخِلَ ٱلْمَغَارَةِ فِيمَا لِعَازَرُ يَصْحُو مِنْ رُقَادِ ٱلْمَوْتِ وَيَتَوَجَّهُ بِبُطْءٍ إِلَى بَابِ ٱلْقَبْرِ وَجَسَدُهُ مَلْفُوفٌ بِٱلْأَكْفَانِ.‏ وَلَنْ يَغِيبَ عَنْ بَالِهَا طَلَبُ يَسُوعَ أَنْ ‹يَحُلُّوهُ وَيَدَعُوهُ يَذْهَبُ›،‏ وَأَخِيرًا ٱلْفَرْحَةُ ٱلْكَبِيرَةُ ٱلَّتِي غَمَرَتْهَا هِيَ وَمَرْيَمَ وَأَخُوهُمَا ٱلْحَبِيبُ يَأْخُذُهُمَا بَيْنَ ذِرَاعَيْهِ.‏ ‏(‏اقرأ يوحنا ١١:‏​٤٠-‏٤٤‏.‏‏)‏ لَقَدِ ٱنْزَاحَ ٱلْهَمُّ ٱلثَّقِيلُ ٱلَّذِي كَانَ يَجْثُمُ عَلَى صَدْرِهَا.‏

كُوفِئَ إِيمَانُ مَرْثَا بِيَسُوعَ حِينَ شَهِدَتْ هِيَ وَمَرْيَمُ قِيَامَةَ أَخِيهِمَا

٢٣ مَاذَا يَرْغَبُ يَهْوَهُ وَيَسُوعُ فِي فِعْلِهِ مِنْ أَجْلِكَ،‏ وَمَاذَا يَتَطَلَّبُ ذٰلِكَ مِنْكَ؟‏

٢٣ تُبَيِّنُ هٰذِهِ ٱلرِّوَايَةُ أَنَّ قِيَامَةَ ٱلْأَمْوَاتِ لَيْسَتْ مُجَرَّدَ حُلْمٍ أَوْ أُمْنِيَةٍ؛‏ إِنَّهَا تَعْلِيمٌ مُؤَسَّسٌ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ،‏ حَقِيقَةٌ تَارِيخِيَّةٌ مُثْبَتَةٌ،‏ وَرَجَاءٌ يَبْعَثُ ٱلْأَمَلَ فِي ٱلنُّفُوسِ.‏ (‏اي ١٤:‏​١٤،‏ ١٥‏)‏ فَيَهْوَهُ وَٱبْنُهُ يَرْغَبَانِ فِي مُكَافَأَةِ ٱلْمُؤْمِنِينَ عَلَى إِيمَانِهِمْ،‏ مِثْلَمَا فَعَلَا مَعَ مَرْثَا وَمَرْيَمَ وَلِعَازَرَ.‏ وَهُمَا يُخَبِّئَانِ لَكَ أَنْتَ أَيْضًا مُكَافَآتٍ كَهٰذِهِ إِنْ نَمَّيْتَ إِيمَانًا رَاسِخًا.‏

‏«كَانَتْ مَرْثَا تَخْدُمُ»‏

٢٤ مَا هِيَ آخِرُ عِبَارَةٍ نَقْرَأُهَا عَنْ مَرْثَا فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ؟‏

٢٤ يَأْتِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَلَى ذِكْرِ مَرْثَا مُجَدَّدًا مَرَّةً وَاحِدَةً فَقَطْ،‏ وَذٰلِكَ فِي بِدَايَةِ ٱلْأُسْبُوعِ ٱلْأَخِيرِ مِنْ حَيَاةِ يَسُوعَ عَلَى ٱلْأَرْضِ.‏ فَيَسُوعُ ٱلَّذِي كَانَ عَالِمًا مَا يَنْتَظِرُهُ مِنْ مَشَقَّاتٍ قَصَدَ مُجَدَّدًا مَنْزِلَ أَصْدِقَائِهِ فِي بَيْتَ عَنْيَا حَيْثُ يَشْعُرُ بِٱلرَّاحَةِ وَٱلسَّلَامِ.‏ وَمِنْ هُنَاكَ كَانَ يَسِيرُ ثَلَاثَةَ كِيلُومِتْرَاتٍ لِيَصِلَ إِلَى أُورُشَلِيمَ.‏ وَفِيمَا هُوَ يَتَنَاوَلُ ٱلْعَشَاءَ مَعَ لِعَازَرَ فِي بَيْتِ سِمْعَانَ ٱلْأَبْرَصِ،‏ نَقْرَأُ آخِرَ إِشَارَةٍ إِلَى ٱلْمَرْأَةِ ٱلَّتِي نَتَحَدَّثُ عَنْهَا.‏ يَقُولُ ٱلسِّجِلُّ:‏ «كَانَتْ مَرْثَا تَخْدُمُ».‏ —‏ يو ١٢:‏٢‏.‏

٢٥ لِمَ تَتَبَارَكُ ٱلْجَمَاعَاتُ ٱلْيَوْمَ بِنِسَاءٍ مِثْلِ مَرْثَا؟‏

٢٥ هٰذِهِ هِيَ مَرْثَا،‏ ٱمْرَأَةٌ دِينَامِيكِيَّةٌ مُفْعَمَةٌ بِٱلنَّشَاطِ وَٱلْحَيَوِيَّةِ!‏ فَفِي أَوَّلِ مَرَّةٍ تَحَدَّثَ عَنْهَا ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ وَجَدْنَاهَا تَعْمَلُ،‏ وَفِي آخِرِ مَرَّةٍ كَانَتْ لَا تَزَالُ تَعْمَلُ،‏ بَاذِلَةً كُلَّ مَا فِي وِسْعِهَا لِلِٱهْتِمَامِ بِحَاجَاتِ مَنْ حَوْلَهَا.‏ وَٱلْيَوْمَ،‏ تَتَبَارَكُ ٱلْجَمَاعَاتُ بِوُجُودِ نِسَاءٍ مِثْلِ مَرْثَا،‏ قَوِيَّاتِ ٱلْعَزِيمَةِ وَكَرِيمَاتٍ،‏ يُعْرِبْنَ عَنْ إِيمَانِهِنَّ بِبَذْلِ أَنْفُسِهِنَّ فِي سَبِيلِ ٱلْآخَرِينَ.‏ وَهَلْ حَافَظَتْ مَرْثَا عَلَى هٰذِهِ ٱلرُّوحِ؟‏ يُرَجَّحُ ذٰلِكَ.‏ وَفِي هٰذِهِ ٱلْحَالِ تَكُونُ قَدْ تَصَرَّفَتْ بِحِكْمَةٍ لِأَنَّهَا كَانَتْ سَتُوَاجِهُ بَعْدُ عَقَبَاتٍ مُتَنَوِّعَةً.‏

٢٦ كَيْفَ ٱسْتَفَادَتْ مَرْثَا مِنَ ٱلتَّحَلِّي بِإِيمَانٍ رَاسِخٍ؟‏

٢٦ فَفِي غُضُونِ أَيَّامٍ،‏ فُجِعَتْ بِمَوْتِ مُعَلِّمِهَا ٱلْحَبِيبِ يَسُوعَ.‏ وَفَوْقَ ذٰلِكَ،‏ عَزَمَ ٱلْمُجْرِمُونَ ٱلْمُرَاؤُونَ أَنْفُسُهُمُ ٱلَّذِينَ قَتَلُوهُ عَلَى قَتْلِ أَخِيهَا لِعَازَرَ،‏ لِأَنَّ قِيَامَتَهُ وَطَّدَتْ إِيمَانَ كَثِيرِينَ.‏ ‏(‏اقرأ يوحنا ١٢:‏​٩-‏١١‏.‏‏)‏ طَبْعًا،‏ فَرَّقَ ٱلْمَوْتُ أَخِيرًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ أَخِيهَا وَأُخْتِهَا.‏ وَمَعَ أَنَّنَا لَا نَعْلَمُ كَيْفَ وَمَتَى حَدَثَ ذٰلِكَ،‏ نَحْنُ وَاثِقُونَ أَنَّ إِيمَانَهَا ٱلرَّائِعَ سَاعَدَهَا عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ حَتَّى آخِرِ ٱلْمَطَافِ.‏ أَفَلَيْسَ حَرِيًّا بِٱلْمَسِيحِيِّينَ ٱلْيَوْمَ ٱلِٱقْتِدَاءُ بِإِيمَانِهَا؟‏

^ ‎الفقرة 11‏ فِي ٱلْمُجْتَمَعِ ٱلْيَهُودِيِّ فِي ٱلْقَرْنِ ٱلْأَوَّلِ،‏ ٱسْتُثْنِيَتِ ٱلنِّسَاءُ عُمُومًا مِنَ ٱلنَّشَاطَاتِ ٱلتَّثْقِيفِيَّةِ.‏ فَقَدْ تَرَكَّزَ تَعْلِيمُهُنَّ بِشَكْلٍ أَسَاسِيٍّ عَلَى أَدَاءِ ٱلْوَاجِبَاتِ ٱلْمَنْزِلِيَّةِ.‏ بِنَاءً عَلَى ذٰلِكَ،‏ لَعَلَّ مَرْثَا ٱسْتَغْرَبَتْ جِدًّا أَنْ تَرَى أُخْتَهَا،‏ وَهِيَ ٱمْرَأَةٌ،‏ جَالِسَةً تَنَالُ ٱلْمَعْرِفَةَ عِنْدَ قَدَمَيْ مُعَلِّمٍ.‏