اَلْفَصْلُ ٱلثَّامِنَ عَشَرَ
‹كانت تتفكر في قلبها›
١، ٢ كَيْفَ كَانَتْ رِحْلَةُ مَرْيَمَ، وَمَاذَا جَعَلَهَا صَعْبَةً عَلَيْهَا؟
سَاعَاتٌ مَضَتْ وَمَرْيَمُ جَالِسَةٌ عَلَى ظَهْرِ ٱلدَّابَّةِ ٱلصَّغِيرَةِ، تَارَةً تَتَّكِئُ عَلَى جَنْبِهَا ٱلْأَيْمَنِ وَتَارَةً عَلَى ٱلْأَيْسَرِ. وَهَا هُوَ يُوسُفُ أَمَامَهَا يَقُودُ ٱلدَّابَّةَ سَائِرًا بِخُطًى ثَابِتَةٍ عَلَى طُولِ ٱلطَّرِيقِ ٱلطَّوِيلَةِ ٱلْمُؤَدِّيَةِ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ. وَخِلَالَ هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ ٱلشَّاقَّةِ، شَعَرَتْ مَرْيَمُ مِنْ حِينٍ إِلَى آخَرَ بِٱلْجَنِينِ يَرْتَكِضُ فِي بَطْنِهَا.
٢ لَقَدْ دَنَتْ وِلَادَتُهَا، فَٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ يَصِفُ حَالَتَهَا آنَذَاكَ قَائِلًا: «قَدْ ثَقُلَ حَمْلُهَا». (لو ٢:٥) وَبَيْنَمَا ٱجْتَازَتْ هِيَ وَيُوسُفُ حَقْلًا بَعْدَ آخَرَ، لَرُبَّمَا لَفَتَا أَنْظَارَ بَعْضِ ٱلْفَلَّاحِينَ ٱلْمُنْشَغِلِينَ بِٱلزِّرَاعَةِ أَوِ ٱلْحِرَاثَةِ. وَلَعَلَّ هٰؤُلَاءِ تَسَاءَلُوا لِمَاذَا تُقْدِمُ ٱمْرَأَةٌ فِي مِثْلِ حَالِهَا عَلَى رِحْلَةٍ كَهٰذِهِ. فَيَا تُرَى، مَا ٱلَّذِي حَدَا بِمَرْيَمَ أَنْ تَتْرُكَ مَدِينَتَهَا ٱلنَّاصِرَةَ وَتُسَافِرَ كُلَّ هٰذِهِ ٱلْمَسَافَةِ ٱلْبَعِيدَةِ؟
٣ أَيُّ دَوْرٍ أُوكِلَ إِلَى مَرْيَمَ، وَمَاذَا سَنَتَعَلَّمُ مِنْهَا فِي هٰذَا ٱلْفَصْلِ؟
٣ بَدَأَتِ ٱلْقِصَّةُ قَبْلَ عِدَّةِ شُهُورٍ حِينَ أُوكِلَ إِلَى هٰذِهِ ٱلشَّابَّةِ ٱلْيَهُودِيَّةِ دَوْرٌ لَمْ يَسْبِقْ لَهُ مَثِيلٌ فِي تَارِيخِ ٱلْبَشَرِ: أَنْ تَلِدَ ٱلطِّفْلَ ٱلَّذِي سَيَصِيرُ ٱلْمَسِيَّا، ٱبْنَ ٱللهِ! (لو ١:٣٥) وَفِيمَا دَنَا مَوْعِدُ وِلَادَتِهَا، نَشَأَ ظَرْفٌ أَوْجَبَ عَلَيْهَا ٱلْقِيَامَ بِهٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ. وَخِلَالَهَا، وَاجَهَتْ مَرْيَمُ عِدَّةَ صُعُوبَاتٍ ٱمْتَحَنَتْ إِيمَانَهَا. فَلْنَرَ مَا ٱلَّذِي سَاعَدَهَا أَنْ تُحَافِظَ عَلَى هٰذَا ٱلْإِيمَانِ قَوِيًّا.
اَلرِّحْلَةُ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ
٤، ٥ (أ) لِمَ سَافَرَ يُوسُفُ وَمَرْيَمُ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ؟ (ب) أَيُّ نُبُوَّةٍ كَانَتْ سَتَتِمُّ بِصُدُورِ مَرْسُومِ قَيْصَرَ؟
٤ لَمْ يَكُنْ يُوسُفُ وَمَرْيَمُ ٱلْوَحِيدَيْنِ ٱللَّذَيْنِ قَامَا بِمِثْلِ هٰذِهِ ٱلرِّحْلَةِ. فَٱلْقَيْصَرُ أُوغُسْطُسُ كَانَ قَدْ أَصْدَرَ مُؤَخَّرًا مَرْسُومًا يَقْضِي بِإِجْرَاءِ ٱكْتِتَابٍ فِي كُلِّ أَرْجَاءِ ٱلْبِلَادِ، مَا أَجْبَرَ ٱلْجَمِيعَ عَلَى ٱلسَّفَرِ إِلَى مَسْقَطِ رَأْسِهِمْ لِيَكْتَتِبُوا. فَمَاذَا فَعَلَ يُوسُفُ؟ تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ: «صَعِدَ يُوسُفُ أَيْضًا مِنَ ٱلْجَلِيلِ، مِنْ مَدِينَةِ ٱلنَّاصِرَةِ، إِلَى ٱلْيَهُودِيَّةِ، إِلَى مَدِينَةِ دَاوُدَ ٱلَّتِي تُدْعَى بَيْتَ لَحْمَ، لِكَوْنِهِ مِنْ بَيْتِ دَاوُدَ وَعَائِلَتِهِ». — لو ٢:١-٤.
٥ لَمْ تَكُنْ مُصَادَفَةً أَنْ يُصْدِرَ ٱلْقَيْصَرُ مَرْسُومَهُ فِي هٰذَا ٱلْوَقْتِ. فَثَمَّةَ نُبُوَّةٌ كُتِبَتْ قَبْلَ ذٰلِكَ بِحَوَالَيْ سَبْعَةِ قُرُونٍ أَنْبَأَتْ أَنَّ ٱلْمَسِيَّا سَيُولَدُ فِي بَيْتَ لَحْمَ. وَمَعَ أَنَّهُ كَانَتْ هُنَاكَ مَدِينَةٌ ٱسْمُهَا بَيْتَ لَحْمُ تَبْعُدُ عَنِ ٱلنَّاصِرَةِ ١١ كلم فَقَطْ، حَدَّدَتِ ٱلنُّبُوَّةُ أَنَّ ٱلْمَسِيَّا سَيَخْرُجُ مِنْ «بَيْتَ لَحْمَ أَفْرَاتَةَ». (اقرأ ميخا ٥:٢.) وَلِلذَّهَابِ مِنَ ٱلنَّاصِرَةِ إِلَى هٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ، قَطَعَ ٱلْمُسَافِرُونَ عَلَى طُرُقَاتٍ جَبَلِيَّةٍ مَسَافَةَ ١٣٠ كلم تَقْرِيبًا عَبْرَ ٱلسَّامِرَةِ. هٰذِهِ هِيَ بَيْتَ لَحْمُ ٱلَّتِي لَزِمَ أَنْ يَقْصِدَهَا يُوسُفُ؛ إِنَّهَا مَسْقَطُ رَأْسِ عَائِلَةِ ٱلْمَلِكِ دَاوُدَ، ٱلْعَائِلَةِ ٱلَّتِي تَحَدَّرَ مِنْهَا يُوسُفُ وَعَرُوسُهُ كِلَاهُمَا.
٦، ٧ (أ) لِمَ كَانَتِ ٱلرِّحْلَةُ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ صَعْبَةً عَلَى مَرْيَمَ؟ (ب) كَيْفَ أَثَّرَ زَوَاجُ مَرْيَمَ بِيُوسُفَ عَلَى قَرَارَاتِهَا؟ (اُنْظُرْ أَيْضًا ٱلْحَاشِيَةَ.)
٦ وَهَلْ دَعَمَتْ مَرْيَمُ قَرَارَ يُوسُفَ بِشَأْنِ ٱلسَّفَرِ؟ إِنَّهَا مُبَرَّرَةٌ لَوْ لَمْ تَفْعَلْ ذٰلِكَ. فَٱلرِّحْلَةُ شَاقَّةٌ جِدًّا عَلَيْهَا. وَقَدْ حَلَّ عَلَى ٱلْأَرْجَحِ فَصْلُ ٱلْخَرِيفِ، وَمِنَ ٱلْمُحْتَمَلِ سُقُوطُ أَمْطَارٍ خَفِيفَةٍ مَعَ ٱنْتِهَاءِ فَصْلِ ٱلصَّيْفِ ٱلْجَافِّ. فَوْقَ ذٰلِكَ، تَقُولُ ٱلرِّوَايَةُ إِنَّ يُوسُفَ «صَعِدَ . . . مِنَ ٱلْجَلِيلِ»، وَهِيَ عِبَارَةٌ مُلَائِمَةٌ تَمَامًا لِأَنَّ بَيْتَ لَحْمَ تَقَعُ عَلَى ٱرْتِفَاعٍ يَزِيدُ عَنْ
٧٦٠ م، مَا يَعْنِي رِحْلَةً مُضْنِيَةً صُعُودًا تَسْتَغْرِقُ عِدَّةَ أَيَّامٍ. وَفِي حَالَةِ مَرْيَمَ، قَدْ تَسْتَغْرِقُ ٱلرِّحْلَةُ وَقْتًا أَطْوَلَ مِنَ ٱلْمُعْتَادِ لِحَاجَتِهَا إِلَى ٱلِٱسْتِرَاحَةِ مَرَّاتٍ عَدِيدَةً. أَضِفْ إِلَى ذٰلِكَ أَنَّ ٱلْحَامِلَ، فِي ٱلْفَتْرَةِ ٱلْأَخِيرَةِ مِنْ حَمْلِهَا، تُفَضِّلُ ٱلْبَقَاءَ فِي بِيئَتِهَا بَيْنَ أَهْلِهَا وَصَدِيقَاتِهَا ٱلَّذِينَ يَمُدُّونَ لَهَا يَدَ ٱلْعَوْنِ عِنْدَمَا تَحِينُ سَاعَةُ ٱلْمَخَاضِ. فَلَا شَكَّ أَنَّ ٱلسَّفَرَ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ تَطَلَّبَ شَجَاعَةً مِنْ جِهَةِ مَرْيَمَ.٧ مَعَ هٰذَا، يَقُولُ لُوقَا إِنَّ يُوسُفَ صَعِدَ «لِيَكْتَتِبَ مَعَ مَرْيَمَ خَطِيبَتِهِ ٱلَّتِي تَزَوَّجَهَا». (لو ٢:٤، ٥) إِنَّ زَوَاجَ مَرْيَمَ بِيُوسُفَ أَثَّرَ كَثِيرًا فِي قَرَارَاتِهَا. فَقَدِ ٱعْتَبَرَتْهُ رَأْسَ ٱلْعَائِلَةِ، وَبِٱلتَّالِي قَبِلَتِ ٱلدَّوْرَ ٱلْمُعْطَى لَهَا مِنَ ٱللهِ أَنْ تُعِينَهُ وَتُكَمِّلَهُ مِنْ خِلَالِ دَعْمِ قَرَارَاتِهِ. * وَهٰكَذَا أَظْهَرَتِ ٱلطَّاعَةَ لِزَوْجِهَا فَتَغَلَّبَتْ عَلَى عَقَبَةٍ رُبَّمَا كَانَتْ سَتَمْتَحِنُ إِيمَانَهَا.
٨ (أ) أَيُّ عَامِلٍ آخَرَ رُبَّمَا دَفَعَ مَرْيَمَ أَنْ تُرَافِقَ يُوسُفَ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ؟ (ب) لِمَ يُعْتَبَرُ مِثَالُ مَرْيَمَ مَنَارًا لِلْمُؤْمِنِينَ؟
مت ٢:١-٧؛ يو ٧:٤٠-٤٢) هٰذَا وَإِنَّ مَرْيَمَ كَانَتْ وَاسِعَةَ ٱلِٱطِّلَاعِ عَلَى ٱلْأَسْفَارِ ٱلْمُقَدَّسَةِ. (لو ١:٤٦-٥٥) عَلَى أَيَّةِ حَالٍ، سَوَاءٌ قَرَّرَتِ ٱلسَّفَرَ إِطَاعَةً لِزَوْجِهَا أَوْ لِمَرْسُومِ ٱلْقَيْصَرِ أَوْ إِتْمَامًا لِنُبُوَّةِ يَهْوَهَ — أَوْ لِأَكْثَرَ مِنْ سَبَبٍ — فَقَدْ رَسَمَتْ بِذٰلِكَ مِثَالًا رَائِعًا. فَيَهْوَهُ يُقَدِّرُ حَقَّ ٱلتَّقْدِيرِ ٱلرِّجَالَ وَٱلنِّسَاءَ ٱلَّذِينَ يَتَحَلَّوْنَ بِرُوحٍ طَائِعَةٍ وَمُتَوَاضِعَةٍ. وَفِي أَزْمِنَتِنَا هٰذِهِ، حَيْثُ مَا عَادَ ٱلْخُضُوعُ بِوَجْهٍ عَامٍّ مِنَ ٱلْفَضَائِلِ ٱلْمُسْتَحَبَّةِ، لَا يَزَالُ مِثَالُ مَرْيَمَ مَنَارًا لِلْمُؤْمِنِينَ فِي كُلِّ بِقَاعِ ٱلْمَعْمُورَةِ.
٨ وَهَلْ مِنْ عَامِلٍ آخَرَ رُبَّمَا دَفَعَ مَرْيَمَ إِلَى إِطَاعَةِ يُوسُفَ؟ تُرَى هَلْ كَانَتْ عَلَى عِلْمٍ بِٱلنُّبُوَّةِ ٱلَّتِي تَقُولُ إِنَّ بَيْتَ لَحْمَ هِيَ مَكَانُ وِلَادَةِ ٱلْمَسِيَّا؟ لَا يَأْتِي ٱلْكِتَابُ ٱلْمُقَدَّسُ عَلَى ذِكْرِ ذٰلِكَ، لٰكِنَّ هٰذَا ٱلِٱحْتِمَالَ غَيْرُ مُسْتَبْعَدٍ. فَعَلَى مَا يَتَّضِحُ، كَانَتْ هٰذِهِ ٱلْمَعْلُومَةُ مَعْرُوفَةً بَيْنَ ٱلْقَادَةِ ٱلدِّينِيِّينَ وَلَمْ تَكُنْ سِرًّا يَخْفَى حَتَّى عَلَى عَامَّةِ ٱلنَّاسِ. (وِلَادَةُ ٱلْمَسِيحِ
٩، ١٠ (أ) مَاذَا رُبَّمَا تَبَادَرَ إِلَى ذِهْنِ يُوسُفَ وَمَرْيَمَ وَهُمَا يَقْتَرِبَانِ مِنْ بَيْتَ لَحْمَ؟ (ب) أَيْنَ مَكَثَ يُوسُفُ وَمَرْيَمُ، وَلِمَاذَا؟
٩ لَا بُدَّ أَنَّ مَرْيَمَ تَنَفَّسَتِ ٱلصُّعَدَاءَ حِينَ لَاحَتْ لَهَا بَيْتَ لَحْمُ مِنْ بَعِيدٍ. وَفِيمَا صَعِدَتْ هِيَ وَيُوسُفُ ٱلتِّلَالَ وَٱجْتَازَا بَسَاتِينَ ٱلزَّيْتُونِ، آخِرَ غِلَالِ ٱلْمَوْسِمِ، تَبَادَرَ إِلَى ذِهْنِهِمَا عَلَى ٱلْأَرْجَحِ تَارِيخُ هٰذِهِ ٱلْقَرْيَةِ. فَهِيَ أَصْغَرُ مِنْ أَنْ تُعَدَّ بَيْنَ مُدُنِ يَهُوذَا، كَمَا قَالَ مِيخَا ٱلنَّبِيُّ، لٰكِنَّهَا مَسْقَطُ رَأْسِ بُوعَزَ وَنُعْمِي وَلَاحِقًا دَاوُدَ، وذٰلِكَ قَبْلَ أَكْثَرَ مِنْ أَلْفِ سَنَةٍ.
١٠ كَانَتِ ٱلْقَرْيَةُ تَعِجُّ بِٱلْمُسَافِرِينَ حِينَ وَصَلَا. فَقَدْ أَتَى كَثِيرُونَ قَبْلَهُمَا لِلِٱكْتِتَابِ بِحَيْثُ لَمْ يَبْقَ لَهُمَا مَوْضِعٌ فِي ٱلنُّزُلِ. * وَمَا كَانَ أَمَامَهُمَا سِوَى ٱلْمَبِيتِ فِي إِسْطَبْلٍ. تَخَيَّلْ كَمْ قَلِقَ يُوسُفُ وَهُوَ يَرَى زَوْجَتَهُ تُعَانِي آلَامًا حَادَّةً لَمْ تَعْهَدْهَا مِنْ قَبْلُ، آلَامًا مَا لَبِثَتْ أَنْ أَصْبَحَتْ مَخَاضًا شَدِيدًا وَهِيَ فِي أَسْوَإِ مَكَانٍ يَخْطُرُ بِٱلْبَالِ!
١١ (أ) لِمَ تَتَعَاطَفُ ٱلنِّسَاءُ مَعَ مَرْيَمَ؟ (ب) كَيْفَ كَانَ يَسُوعُ «ٱلْبِكْرَ»؟
١١ كُلُّ ٱلنِّسَاءِ لَا يَسَعُهُنَّ إِلَّا أَنْ يَتَعَاطَفْنَ مَعْ مَرْيَمَ. فَقَبْلَ ذٰلِكَ ٱلزَّمَنِ بِنَحْوِ ٤٬٠٠٠ سَنَةٍ، أَنْبَأَ يَهْوَهُ بِأَنَّ ٱلنِّسَاءَ سَيَلِدْنَ بِٱلْأَوْجَاعِ نَتِيجَةَ ٱلْخَطِيَّةِ ٱلْمَوْرُوثَةِ. (تك ٣:١٦) وَلَيْسَ هُنَاكَ مَا يَدُلُّ أَنَّ مَرْيَمَ كَانَتْ مُسْتَثْنَاةً. لٰكِنَّ لُوقَا تَحَفَّظَ عَنْ ذِكْرِ تَفَاصِيلَ كَهٰذِهِ مُكْتَفِيًا بِٱلْقَوْلِ: «وَلَدَتِ ٱبْنَهَا ٱلْبِكْرَ». (لو ٢:٧) نَعَمْ، لَقَدْ وَضَعَتْ مَرْيَمُ ‹بِكْرَهَا›، مَوْلُودَهَا ٱلْأَوَّلَ بَيْنَ سَبْعَةِ أَوْلَادٍ عَلَى ٱلْأَقَلِّ. (مر ٦:٣) لٰكِنَّهُ مُخْتَلِفٌ عَنْهُمْ جَمِيعًا، لِأَنَّهُ لَيْسَ بِكْرَهَا فَحَسْبُ، بَلْ أَيْضًا «بِكْرُ كُلِّ خَلِيقَةِ» يَهْوَهَ، ٱبْنُهُ مَوْلُودُهُ ٱلْوَحِيدُ. — كو ١:١٥.
١٢ أَيْنَ أَضْجَعَتْ مَرْيَمُ ٱلطِّفْلَ، وَكَيْفَ تَخْتَلِفُ ٱلْحَقِيقَةُ عَنْ مَسْرَحِيَّاتِ وَرُسُومَاتِ وَمُجَسَّمَاتِ ٱلْمِيلَادِ؟
لو ٢:٧) حَوْلَ ٱلْعَالَمِ، تُصَوِّرُ مَسْرَحِيَّاتُ وَرُسُومَاتُ وَمُجَسَّمَاتُ ٱلْمِيلَادِ هٰذَا ٱلْمَشْهَدَ بِعَاطِفِيَّةٍ مُفْرِطَةٍ بَعِيدَةٍ عَنِ ٱلْوَاقِعِ. وَلٰكِنْ تَأَمَّلْ حَقِيقَةَ ٱلْأَمْرِ. إِنَّ ٱلْمِذْوَدَ هُوَ ٱلْمَعْلَفُ ٱلَّذِي تَأْكُلُ مِنْهُ ٱلْمَاشِيَةُ وَٱلدَّوَابُّ ٱلْعَلَفَ. وَٱلْعَائِلَةُ كَانَتْ مُقِيمَةً فِي زَرِيبَةٍ أَوْ إِسْطَبْلٍ ٱلَّذِي هُوَ، بِمَقَايِيسِ ٱلْمَاضِي أَوِ ٱلْحَاضِرِ، مَكَانٌ غَيْرُ صِحِّيٍّ خَالٍ مِنَ ٱلْهَوَاءِ ٱلنَّقِيِّ. فَأَيُّ أَبَوَيْنِ يَخْتَارَانِ مَكَانًا كَهٰذَا لِوِلَادَةِ طِفْلِهِمَا لَوْ كَانَ ٱلْأَمْرُ فِي يَدِهِمَا؟! إِنَّ ٱلْوَالِدِينَ عُمُومًا يُرِيدُونَ ٱلْأَفْضَلَ لِأَوْلَادِهِمْ، فَكَمْ بِٱلْأَحْرَى يُوسُفُ وَمَرْيَمُ، وَطِفْلُهُمَا هُوَ ٱبْنُ ٱللهِ!
١٢ وَٱلْآنَ تُضِيفُ ٱلرِّوَايَةُ تَفْصِيلًا ذَاعَ ذِكْرُهُ بَيْنَ ٱلنَّاسِ: «قَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ فِي مِذْوَدٍ». (١٣ (أ) كَيْفَ فَعَلَ يُوسُفُ وَمَرْيَمُ كُلَّ مَا يَسْتَطِيعَانِ بِمَا تَيَسَّرَ لَهُمَا؟ (ب) كَيْفَ يُمْكِنُ لِلْوَالِدِينَ ٱلْحُكَمَاءِ ٱلْيَوْمَ أَنْ يَقْتَدُوا بِمِثَالِ يُوسُفَ وَمَرْيَمَ؟
١٣ مَعَ هٰذَا، لَمْ يَدَعِ ٱلزَّوْجَانِ ظُرُوفَهُمَا ٱلْقَاهِرَةَ تُكَدِّرُهُمَا، بَلْ فَعَلَا كُلَّ مَا يَسْتَطِيعَانِ بِمَا تَيَسَّرَ لَهُمَا. لَاحِظْ مَثَلًا أَنَّ مَرْيَمَ نَفْسَهَا ٱعْتَنَتْ بِٱلطِّفْلِ، فَقَمَّطَتْهُ وَأَضْجَعَتْهُ بِٱعْتِنَاءٍ فِي ٱلْمِذْوَدِ وَتَأَكَّدَتْ أَنْ يَنْعَمَ بِٱلدِّفْءِ وَٱلْأَمَانِ. فَهِيَ لَمْ تَدَعِ ٱلْقَلَقَ بِشَأْنِ وَضْعِهَا ٱلرَّاهِنِ يَحُولُ دُونَ أَنْ تُزَوِّدَ ٱبْنَهَا بِأَفْضَلِ رِعَايَةٍ مُمْكِنَةٍ. وَأَدْرَكَتْ أَيْضًا هِيَ وَيُوسُفُ أَنَّ ٱلِٱهْتِمَامَ بِٱبْنِهِمَا رُوحِيًّا هُوَ ٱلْأَمْرُ ٱلْأَهَمُّ. (اقرإ التثنية ٦:٦-٨.) بِشَكْلٍ مُمَاثِلٍ ٱلْيَوْمَ، يُعْطِي ٱلْوَالِدُونَ ٱلْحُكَمَاءُ ٱلْأَوْلَوِيَّةَ لِعَلَاقَةِ أَوْلَادِهِمْ بِٱللهِ فِيمَا يَسْهَرُونَ عَلَى تَرْبِيَتِهِمْ فِي هٰذَا ٱلْعَالَمِ ٱلْفَقِيرِ رُوحِيًّا.
زِيَارَةٌ مُشَجِّعَةٌ
١٤، ١٥ (أ) لِمَ تَشَوَّقَ ٱلرُّعَاةُ إِلَى رُؤْيَةِ ٱلطِّفْلِ؟ (ب) مَاذَا فَعَلَ ٱلرُّعَاةُ بَعْدَمَا رَأَوُا ٱلطِّفْلَ فِي ٱلْإِسْطَبْلِ؟
١٤ فَجْأَةً، تَعَكَّرَ ٱلْجَوُّ ٱلْهَادِئُ بِجَلَبَةِ رُعَاةٍ أَتَوْا إِلَى ٱلْإِسْطَبْلِ مُتَشَوِّقِينَ * وَأَخَذُوا يَقُصُّونَ عَلَى ٱلْأَبَوَيْنِ ٱلْمَذْهُولَيْنِ حَدَثًا رَائِعًا حَصَلَ مَعَهُمْ. فَفِيمَا كَانُوا فِي ٱلتِّلَالِ سَاهِرِينَ فِي هُزُعِ ٱللَّيْلِ، إِذَا بِمَلَاكٍ يَظْهَرُ لَهُمْ وَمَجْدِ يَهْوَهَ يُضِيءُ حَوْلَهُمْ. فَقَالَ لَهُمُ ٱلْمَلَاكُ إِنَّ ٱلْمَسِيحَ، أَوِ ٱلْمَسِيَّا، قَدْ وُلِدَ فِي بَيْتَ لَحْمَ، وَهَا هُوَ مُقَمَّطٌ وَمُضْجَعٌ فِي مِذْوَدٍ. ثُمَّ حَدَثَ أَمْرٌ أَكْثَرُ رَوْعَةً: ظَهَرَ حَشْدٌ عَظِيمٌ مِنَ ٱلْمَلَائِكَةِ يُسَبِّحُ يَهْوَهَ. — لو ٢:٨-١٤.
إِلَى رُؤْيَةِ ٱلْعَائِلَةِ وَخُصُوصًا ٱلطِّفْلَ. لَقَدْ كَانُوا مُتَّقِدِينَ حَمَاسَةً وَفَرَحًا. فَهُمْ أَسْرَعُوا فِي ٱلْمَجِيءِ مِنَ ٱلتِّلَالِ حَيْثُ يَعِيشُونَ مَعَ قُطْعَانِهِمْ.١٥ فَلَا عَجَبَ أَنْ هَرَعَ هٰؤُلَاءِ ٱلرُّعَاةُ ٱلْمُتَوَاضِعُونَ إِلَى بَيْتَ لَحْمَ. وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ فَرِحُوا حِينَ رَأَوُا ٱلطِّفْلَ ٱلْمَوْلُودَ حَدِيثًا مُضْجَعًا هُنَاكَ، تَمَامًا كَمَا قَالَ لَهُمُ ٱلْمَلَاكُ. فَلَمْ يَحْتَفِظُوا بِهٰذِهِ ٱلْبِشَارَةِ لِأَنْفُسِهِمْ، بَلْ رَاحُوا يُخْبِرُونَ «بِٱلْكَلَامِ ٱلَّذِي قِيلَ لَهُمْ . . . وَجَمِيعُ ٱلَّذِينَ سَمِعُوا تَعَجَّبُوا مِمَّا قَالَهُ لَهُمُ ٱلرُّعَاةُ». (لو ٢:١٧، ١٨) كَمَا يَتَّضِحُ، إِنَّ ٱلْقَادَةَ ٱلدِّينِيِّينَ فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ ٱحْتَقَرُوا ٱلرُّعَاةَ، أَمَّا يَهْوَهُ فَقَدَّرَ هٰؤُلَاءِ ٱلرِّجَالَ ٱلْأُمَنَاءَ ٱلْمُتَوَاضِعِينَ. وَلٰكِنْ كَيْفَ أَثَّرَتْ هٰذِهِ ٱلزِّيَارَةُ فِي مَرْيَمَ؟
قَدَّرَ يَهْوَهُ ٱلرُّعَاةَ ٱلْأُمَنَاءَ ٱلْمُتَوَاضِعِينَ
١٦ كَيْفَ أَظْهَرَتْ مَرْيَمُ أَنَّهَا عَمِيقَةُ ٱلتَّفْكِيرِ، وَمَاذَا سَاعَدَهَا أَنْ تُعْرِبَ عَنْ إِيمَانٍ قَوِيٍّ؟
١٦ رَغْمَ أَنَّ مَرْيَمَ شَعَرَتْ حَتْمًا بٱلْإِنْهَاكِ مِنَ ٱلْوِلَادَةِ وَمَشَقَّاتِهَا، أَصْغَتْ بِٱنْتِبَاهٍ إِلَى كُلِّ كَلِمَةٍ قِيلَتْ. وَفَعَلَتْ أَيْضًا أَكْثَرَ مِنْ ذٰلِكَ: «كَانَتْ تَحْفَظُ كُلَّ هٰذَا ٱلْكَلَامِ، مُتَفَكِّرَةً فِيهِ فِي قَلْبِهَا». (لو ٢:١٩) لَقَدْ أَظْهَرَتْ هٰذِهِ ٱلشَّابَّةُ أَنَّهَا عَمِيقَةُ ٱلتَّفْكِيرِ فِعْلًا. فَهِيَ عَلِمَتْ أَنَّ ٱلرِّسَالَةَ ٱلْمَلَائِكِيَّةَ مُهِمَّةٌ لِلْغَايَةِ. فَإِلٰهُهَا يَهْوَهُ أَرَادَ أَنْ تُدْرِكَ مَنْ هُوَ ٱبْنُهَا وَٱلدَّوْرَ ٱلْهَامَّ ٱلَّذِي سَيُؤَدِّيهِ. لِهٰذَا ٱلسَّبَبِ، لَمْ تُصْغِ إِلَى ٱلْكَلَامِ فَحَسْبُ، بَلْ حَفِظَتْهُ فِي قَلْبِهَا كَيْ تَتَأَمَّلَ فِيهِ مَرَّةً بَعْدَ أُخْرَى خِلَالَ ٱلْأَشْهُرِ وَٱلسِّنِينِ ٱلْمُقْبِلَةِ. وَهٰذَا عَامِلٌ بَارِزٌ سَاعَدَهَا أَنْ تُعْرِبَ عَنْ إِيمَانٍ قَوِيٍّ طِيلَةَ حَيَاتِهَا. — اقرإ العبرانيين ١١:١.
١٧ كَيْفَ نَسِيرُ عَلَى خُطَى مَرْيَمَ فِي ٱلِٱسْتِفَادَةِ مِنَ ٱلْحَقَائِقِ ٱلرُّوحِيَّةِ؟
١٧ فَهَلْ تَسِيرُ أَنْتَ عَلَى خُطَى مَرْيَمَ؟ ضَمَّنَ يَهْوَهُ صَفَحَاتِ كَلِمَتِهِ حَقَائِقَ رُوحِيَّةً هَامَّةً. لٰكِنَّ هٰذِهِ ٱلْحَقَائِقَ لَا تُجْدِينَا نَفْعًا إِنْ لَمْ نُصْغِ إِلَيْهَا. فَكَيْفَ نَفْعَلُ ذٰلِكَ؟ بِقِرَاءَةِ ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ بِٱنْتِظَامٍ، وَلٰكِنْ لَيْسَ بِٱعْتِبَارِهِ مُجَرَّدَ عَمَلٍ أَدَبِيٍّ بَلْ كَلِمَةَ ٱللهِ ٱلْمُوحَى بِهَا. (٢ تي ٣:١٦) ثُمَّ عَلَيْنَا، أُسْوَةً بِمَرْيَمَ، أَنْ نَتَأَمَّلَ فِي هٰذِهِ ٱلْأَقْوَالِ ٱلرُّوحِيَّةِ وَنَتَفَكَّرَ فِيهَا دَاخِلَ قُلُوبِنَا. فَحِينَ نُعَمِّقُ فَهْمَنَا لِمَا نَقْرَأُهُ فِي ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ، وَنُفَكِّرُ مَلِيًّا كَيْفَ نُطَبِّقُ مَشُورَةَ يَهْوَهَ بِشَكْلٍ أَكْمَلَ، نَمُدُّ إِيمَانَنَا بِمَا يَحْتَاجُهُ مِنْ غِذَاءٍ لِيَنْمُوَ وَيَقْوَى.
أَقْوَالٌ أُخْرَى حَفِظَتْهَا فِي قَلْبِهَا
١٨ (أ) كَيْفَ أَطَاعَ يُوسُفُ وَمَرْيَمُ ٱلشَّرِيعَةَ ٱلْمُوسَوِيَّةَ خِلَالَ ٱلْأَيَّامِ ٱلْبَاكِرَةِ مِنْ عُمْرِ يَسُوعَ؟ (ب) مَاذَا كَشَفَتْ تَقْدِمَةُ يُوسُفَ وَمَرْيَمَ فِي ٱلْهَيْكَلِ عَنْ وَضْعِهِمَا ٱلْمَادِّيِّ؟
١٨ خَتَنَ يُوسُفُ وَمَرْيَمُ طِفْلَهُمَا فِي ٱلْيَوْمِ ٱلثَّامِنِ مِنْ عُمْرِهِ كَمَا ٱقْتَضَتْ شَرِيعَةُ مُوسَى، وَسَمَّيَاهُ يَسُوعَ حَسْبَمَا أَوْصَى ٱلْمَلَاكُ. (لو ١:٣١) ثُمَّ حِينَ بَلَغَ ٱلْأَرْبَعِينَ يَوْمًا، صَعِدَا بِهِ نَحْوَ عَشَرَةِ كِيلُومِتْرَاتٍ مِنْ بَيْتَ لَحْمَ إِلَى ٱلْهَيْكَلِ فِي أُورُشَلِيمَ، حَيْثُ قَرَّبَا تَقْدِمَةَ ٱلتَّطْهِيرِ ٱلَّتِي فَرَضَتْهَا ٱلشَّرِيعَةُ عَلَى ٱلْفُقَرَاءِ: زَوْجَ تِرْغَلٍّ أَوْ فَرْخَيْ يَمَامٍ. وَفِي حَالِ شَعَرَا بِٱلْخَجَلِ لِعَجْزِهِمَا عَنْ تَقْرِيبِ حَمَلٍ وَتِرْغَلَّةٍ مِثْلَ ٱلْوَالِدِينَ ٱلْمَيْسُورِينَ، فَهُمَا لَمْ يَدَعَا هٰذِهِ ٱلْمَشَاعِرَ تَسْتَأْثِرُ بِهِمَا لِأَنَّهُمَا طَبَّقَا ٱلشَّرِيعَةَ قَدْرَ ٱسْتِطَاعَتِهِمَا. عَلَى أَيَّةِ حَالٍ، نَالَ يُوسُفُ وَمَرْيَمُ تَشْجِيعًا كَبِيرًا وَهُمَا فِي ٱلْهَيْكَلِ. — لو ٢:٢١-٢٤.
١٩ (أ) أَيَّةُ أَقْوَالٍ أُخْرَى تَكَلَّمَ بِهَا سِمْعَانُ حَفِظَتْهَا مَرْيَمُ فِي قَلْبِهَا؟ (ب) مَاذَا فَعَلَتْ حَنَّةُ حِينَ رَأَتْ يَسُوعَ؟
لو ٢:٢٥-٣٥) وَلَعَلَّ هٰذِهِ ٱلْكَلِمَاتِ، وَإِنْ لَمْ تُبَشِّرْ بِٱلْخَيْرِ، سَاعَدَتْ مَرْيَمَ عَلَى ٱلِٱحْتِمَالِ حِينَ أَتَى هٰذَا ٱلْوَقْتُ ٱلْعَصِيبُ بَعْدَ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثِينَ سَنَةً. وَبَعْدَ سِمْعَانَ، رَأَتِ ٱلطِّفْلَ ٱلصَّغِيرَ نَبِيَّةٌ ٱسْمُهَا حَنَّةُ وَأَخَذَتْ تَتَحَدَّثُ عَنْهُ إِلَى كُلِّ مَنْ يَرْجُو إِنْقَاذَ أُورُشَلِيمَ. — اقرأ لوقا ٢:٣٦-٣٨.
١٩ فَثَمَّةَ رَجُلٌ مُسِنٌّ ٱسْمُهُ سِمْعَانُ ٱقْتَرَبَ مِنْهُمَا وَكَلَّمَ مَرْيَمَ بِأَقْوَالٍ أُخْرَى حَفِظَتْهَا فِي قَلْبِهَا. فَهُوَ سَبَقَ وَنَالَ وَعْدًا أَلَّا يُفَارِقَ ٱلْحَيَاةَ قَبْلَ أَنْ يَرَى ٱلْمَسِيَّا، وَفِي ٱلْهَيْكَلِ كَشَفَ لَهُ رُوحُ يَهْوَهَ ٱلْقُدُسُ أَنَّ ٱلطِّفْلَ يَسُوعَ هُوَ ٱلْمُخَلِّصُ ٱلْمُنْبَأُ بِهِ. بِٱلْإِضَافَةِ إِلَى ذٰلِكَ، حَذَّرَ سِمْعَانُ مَرْيَمَ أَنَّهَا سَتُعَانِي ٱلْأَلَمَ وَٱلْحُزْنَ يَوْمًا مَا، فَهِيَ سَتَشْعُرُ وَكَأَنَّ سَيْفًا طَوِيلًا يَجُوزُ فِي نَفْسِهَا. (٢٠ لِمَ كَانَ إِحْضَارُ يَسُوعَ إِلَى ٱلْهَيْكَلِ قَرَارًا صَائِبًا؟
٢٠ يَا لَهُ مِنْ قَرَارٍ سَلِيمٍ ٱتَّخَذَهُ يُوسُفُ وَمَرْيَمُ بِإِحْضَارِ طِفْلِهِمَا إِلَى هَيْكَلِ يَهْوَهَ فِي أُورُشَلِيمَ! فَقَدْ كَانَ ذٰلِكَ بِمَثَابَةِ ٱنْطِلَاقَةٍ لِٱبْنِهِمَا ٱلَّذِي دَاوَمَ عَلَى ٱرْتِيَادِ ٱلْهَيْكَلِ مَدَى حَيَاتِهِ. كَمَا أَنَّهُمَا تَعَبَّدَا لِيَهْوَهَ هُنَاكَ حَسَبَ إِمْكَانِيَّاتِهِمَا وَنَالَا ٱلْكَثِيرَ مِنَ ٱلْإِرْشَادِ وَٱلتَّشْجِيعِ. فَلَا شَكَّ أَنَّ مَرْيَمَ غَادَرَتِ ٱلْهَيْكَلَ فِي ذٰلِكَ ٱلْيَوْمِ بِإِيمَانٍ أَقْوَى وَقَلْبٍ مُفْعَمٍ بِأَقْوَالٍ رُوحِيَّةٍ تَتَأَمَّلُ فِيهَا وَتُخْبِرُ ٱلْآخَرِينَ بِهَا.
٢١ كَيْفَ نَعْمَلُ عَلَى تَقْوِيَةِ إِيمَانِنَا مِثْلَ مَرْيَمَ؟
٢١ مَا أَرْوَعَ أَنْ نَرَى ٱلْوَالِدِينَ ٱلْيَوْمَ يَتَّبِعُونَ هٰذَا ٱلْمِثَالَ! فَضِمْنَ جَمَاعَاتِ شُهُودِ يَهْوَهَ، نَجِدُهُمْ يَصْطَحِبُونَ أَوْلَادَهُمْ بِٱنْتِظَامٍ إِلَى ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ ٱلْمَسِيحِيَّةِ. وَهُمْ يَبْذُلُونَ كُلَّ مَا فِي وِسْعِهِمْ فِي عِبَادَةِ يَهْوَهَ، وَيُشَجِّعُونَ رُفَقَاءَهُمُ ٱلْمُؤْمِنِينَ بِكَلَامِهِمْ. فَيَعُودُونَ مِنَ ٱلِٱجْتِمَاعَاتِ بِإِيمَانٍ أَقْوَى وَفَرَحٍ أَكْبَرَ، مَمْلُوِّينَ أُمُورًا صَالِحَةً يَنْقُلُونَهَا إِلَى ٱلْآخَرِينَ. فَكَمْ نَفْرَحُ حِينَ نَجْتَمِعُ بِهِمْ وَنَرَاهُمْ يُتَمِّمُونَ دَوْرَهُمْ بِأَمَانَةٍ! فَهٰذَا يُرَسِّخُ إِيمَانَنَا أَكْثَرَ فَأَكْثَرَ مِثْلَ مَرْيَمَ.
^ الفقرة 7 لَاحِظِ ٱلتَّبَايُنَ بَيْنَ هٰذِهِ ٱلْحَادِثَةِ وَمَا يُقَالُ عَنْ رِحْلَةٍ سَابِقَةٍ: «قَامَتْ مَرْيَمُ . . . وَجَاءَتْ» لِزِيَارَةِ أَلِيصَابَاتَ. (لو ١:٣٩) فَفِي ٱلرِّحْلَةِ ٱلْأُولَى، لَرُبَّمَا تَصَرَّفَتْ مَرْيَمُ دُونَ أَنْ تَسْتَشِيرَ يُوسُفَ لِأَنَّهَا لَمْ تَكُنْ مُتَزَوِّجَةً، بَلْ مَخْطُوبَةً. أَمَّا بَعْدَ زَوَاجِهِمَا، فَقَرَارُ ٱلْقِيَامِ بِٱلرِّحْلَةِ يُنْسَبُ إِلَى يُوسُفَ، وَلَيْسَ إِلَيْهَا.
^ الفقرة 10 فِي تِلْكَ ٱلْأَيَّامِ، كَانَتِ ٱلْقُرَى عَادَةً تُؤَمِّنُ أَمَاكِنَ يَبِيتُ فِيهَا ٱلْمُسَافِرُونَ وَٱلْقَوَافِلُ ٱلْعَابِرَةُ.
^ الفقرة 14 إِنَّ وُجُودَ ٱلرُّعَاةِ آنَذَاكَ فِي ٱلْعَرَاءِ مَعَ قُطْعَانِهِمْ يُؤَكِّدُ صِحَّةَ ٱلتَّأْرِيخِ ٱلْمُؤَسَّسِ عَلَى ٱلْكِتَابِ ٱلْمُقَدَّسِ: إِنَّ وِلَادَةَ ٱلْمَسِيحِ لَمْ تَحْدُثْ فِي كَانُونِ ٱلْأَوَّلِ (دِيسَمْبِر)، حِينَ يُفْتَرَضُ أَنْ يَأْوِيَ ٱلرُّعَاةُ قُطْعَانَهُمْ فِي ٱلْحَظَائِرِ عَلَى مَقْرُبَةٍ مِنْ بُيُوتِهِمْ، بَلْ بِٱلْأَحْرَى فِي أَوَائِلِ تِشْرِينَ ٱلْأَوَّلِ (أُكْتوبِر).