هل يمكننا ارضاء الله؟
هل سبق لك ان قرأت عن اشخاص يشيد الكتاب المقدس باستقامتهم وإخلاصهم؟ لربما قلت في نفسك: ‹يستحيل ان اكون مثلهم ولا بعد مليون سنة›.
يتحدَّث الكتاب المقدس عن الاب الجليل ايوب انه ‹بلا لوم ومستقيم›. (ايوب ١:١) ويقول ان لوطا هو رجل «بار». (٢ بطرس ٢:٨) ويذكر عن داود انه فعل «ما هو صائب» في عيني الله. (١ ملوك ١٤:٨) ولكن اذا تمعنَّا في قصص حياتهم، نجد (١) ان هؤلاء الرجال لم يكونوا معصومين من الخطإ، (٢) ان مثالهم يعلِّمنا دروسا كثيرة، و (٣) ان البشر الناقصين يمكنهم ارضاء الله.
لم يكونوا معصومين من الخطإ
اعتبر ايوب نفسه مظلوما لما واجهه من مصاعب عديدة. كما استنتج خطأ ان الله لا يهمه إن حافظ على ايمانه او لا. (ايوب ٩:
تردَّد لوط في اتخاذ قرار واضح وبسيط. فقد كان ٢ بطرس ٢:٨) فأعلن الله انه ينوي تدمير هاتين المدينتين الشريرتين، وأعطى لوطا وعائلته فرصة للهرب والنجاة. من المنطقي الاعتقاد ان لوطا من شدة انزعاجه استقتل للرحيل. الا انه، بخلاف ما هو متوقَّع، تمهَّل وتباطأ في تلك اللحظة الحاسمة. حتى ان الملاكين اللذين أُرسلا لإنقاذه هو وعائلته اضطرا الى امساكهم بيدهم وإخرجاهم من المدينة. — تكوين ١٩:
اما داود فافتقر في احدى المناسبات الى ضبط النفس وارتكب الزنى مع زوجة رجل آخر. وما زاد الطين بلة انه قتل زوجها في محاولة لإخفاء فعلته. (٢ صموئيل، الاصحاح ١١) يقول الكتاب المقدس ان ما فعله داود «ساء في عيني يهوه». — ٢ صموئيل ١١:٢٧.
من الواضح اذًا ان ايوب ولوطا وداود ارتكبوا اخطاء بعضها كان خطيرا جدا. ولكن كما سنرى لاحقا، رغبوا من كل قلبهم في اطاعة الله. وكانوا مستعدين ان يتوبوا ويغيِّروا مسلكهم عند اللزوم. لذلك رضي الله عنهم وأشار اليهم في الكتاب المقدس بأنهم رجال امناء.
ماذا نتعلَّم من مثالهم؟
بما اننا بشر ناقصون، فسنخطئ لا محالة. (روما ٣:٢٣) ولكن يحسن بنا ان نندم على اخطائنا ونبذل جهدنا لتصويبها.
ايوب ٤٢:٦) اما لوط فلم يكن بحاجة الى تعديل تفكيره لأن نظرته الى الفساد المتفشي في سدوم وعمورة انسجمت تماما مع مقاييس الله. فالمشكلة كانت افتقاره الى الشعور بالالحاح. الا انه هرب اخيرا من المدينتين المحكوم عليهما بالدمار ونجا من دينونة الله. كما انه اطاع الله ولم ينظر الى ما تركه وراءه. وماذا عن داود؟ صحيح انه كسر شريعة الله بارتكابه خطية خطيرة، لكنَّه التمس الرحمة منه وتاب توبة صادقة. وهكذا كشف عن معدنه الحقيقي. — مزمور ٥١.
فكيف صوَّب ايوب ولوط وداود اخطاءهم؟ كان ايوب رجلا مستقيم القلب. وبعد ان تكلَّم الله معه، صحَّح تفكيره وتراجع عن كلامه. (كما ذكرنا سابقا، رضي الله عن هؤلاء الرجال الثلاثة. وهذا يدل انه لا يتوقَّع الكمال من البشر. فهو «يعرف جبلتنا، يذكر اننا تراب». (مزمور ١٠٣:١٤) فماذا يتوقَّع منا اذًا؟
الله «يعرف جبلتنا، يذكر اننا تراب». — مزمور ١٠٣:١٤
كيف يرضي البشر الناقصون الله؟
اعطى داود قديما نصيحة لابنه سليمان تبيِّن لنا السبيل الى ارضاء الله. قال له: «وأنت يا سليمان ابني، فاعرف اله ابيك واخدمه بقلب كامل». (١ اخبار الايام ٢٨:٩) وما هو القلب الكامل؟ انه القلب الذي يحب الله ويحرص ان يعرف ويفعل مشيئته. كما انه يتوق الى خدمة الله ويطيعه ويقبل التأديب. فمحبة الله والرغبة في اطاعته هما القاسم المشترك بين رجال الايمان الثلاثة. لهذا السبب، قيل عن ايوب انه «بلا لوم»، ولوط انه «بار»، وداود انه ‹فعل ما هو صائب في عيني الله›. ومع انهم اخطأوا، تمكَّنوا من ارضاء خالقهم.
القلب الكامل هو القلب الذي يحرص على فعل مشيئة الله ويرغب في خدمته وإطاعته
ان امثلة هؤلاء الرجال الثلاثة تمدُّنا بالتشجيع عندما تراودنا افكار نتمنَّى لو لم تخطر على بالنا او نتفوَّه بكلمات ما كان يجب ان نقولها او نفعل امورا نندم عليها لاحقا. فالله يعرف اننا عاجزون الآن عن بلوغ الكمال. لكنَّه في الوقت نفسه يتوقَّع منا ان نحبَّه ونجاهد لإطاعته. فإذا امتلكنا قلبا كاملا، نتمكَّن نحن ايضا من ارضائه.